عنوان الكتاب: مختصر المعاني

لَوْلاَ لِقَاءُ شَعُوْبِ) هي علَم للمنيّة[1] صرفها للضرورة، وعدَم الفضيلة على تقدير عدَم الموت[2] إنّما يظهر في الشَجاعةِ والصبرِ لتيقّن الشُجاع بعدم الهلاك وتيقّن الصابر بزوال المكروه، بخلاف الباذل مالَه[3] فإنّه إذا تيقّن بالخلود وعرف احتياجه إلى المال دائماً فإنّ بذله حينئذ أفضل ممّا إذا تيقّن بالموتِ وتخليفِ المال، وغاية اعتذاره[4] ما ذكره الإمام ابن جنّي وهو أنّ في الخلودِ وتنقّلِ الأحوال فيه من عُسر إلى يُسر ومن شِدّة إلى رَخاء ما يسكِّن النفوس ويسهِّل البؤس فلا يظهر لبذل المال كثير فضل (و) عن الحشو (غير المُفسِد)


 



[1] قوله: [هي علم للمنيّة] أي: علم جنس لها فهو ممنوع من الصرف للتعريف والتأنيث. قوله ½صرفها¼ أي: جرّها بالكسر من غير تنوين. قوله ½للضرورة¼ أي: لضرورة موافقة القوافي.

[2] قوله: [وعدَم الفضيلة إلخ] بيان لمفهوم البيت, والحاصل أنّ منطوق البيت أنّ وجود الموت مقتضٍ لفضل الشَجاعة والصبر والكرم ومفهومه أنّ نفي الموت مقتضٍ لنفي فضل هذه الأمور, وهذا إنّما يظهر بالنسبة إلى الشَجاعة والصبر لأنّ الناس إذا تيقّنوا بعدم الموت صبروا كلّهم على شدائد الدنيا حرصاً على فضيلة الصبر ولم يبالوا بالقدوم على المعركة بخلاف ما إذا علموا أنّ الإقدام والشدّة ربما أفضيا إلى الموت فلا يوجد الشَجاعة والصبر إلاّ لأفراد قلائل من الناس فيثبت لهم الفضل باختصاصهم بما لا طاقة لكلّ أحد عليه.

[3] قوله: [بخلاف الباذل مالَه] أي: فإنّه لا يظهر عدم فضيلة الندى على تقدير عدم الموت لأنّ بذل المال أفضل إذا تيقّن عدم الموت ممّا إذا تيقّن الموت لأنّ الخلود يزيد الحاجة إلى المال, فـ½الندى¼ حشو مفسد للمعنى.

[4] قوله: [وغاية اعتذاره إلخ] أي: وغاية الاعتذار عن هذا الحشو بحيث يخرجه عن الفساد. قوله ½ما ذكره ابن جنّي¼ أي: في شرح ديوان المتنبّي, وحاصله أنّ دوام البقاء ممّا يحمل على الكرم لكلّ أحد لعلمه بأنّ الله تعالى يخلفه وينقله من عسر إلى يسر فلا يظهر كثير فضل للبذل بخلاف ما إذا أيقن بالموت فإنّه لا يوقن بالخلف لاحتمال أن يأتيه الموت قبل ذلك فيظهر الفضل للبذل.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471