للمعنى (كقوله: وَأَعْلَمُ عِلْمَ الْيَوْمِ وَالْأَمْسِ قَبْلَهُ) * وَلَكِنَّنِيْ عَنْ عِلْمِ مَا فِيْ غَدٍ عَمَى، فلفظ ½قبله¼ حشو غير مفسد[1] وهذا بخلاف[2] ما يقال ½أبصرته بعيني¼ و½سمعته بأذني¼ و½كتبته بيدي¼ في مقام يفتقر إلى التأكيد (المساواة) قدّمها[3] لأنّها الأصل المقيس عليه (نحو: ﴿وَلَا يَحِيقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّيِّئُ إِلَّا بِأَهۡلِهِۦۚ﴾[4] [فاطر:٤٣] وقوله: فَإِنَّكَ كَاللَّيْلِ الَّذِيْ هُوَ مُدْرِكِيْ * وَإِنْ خِلْتُ أَنَّ الْمُنْتَأَى عَنْكَ وَاسِعُ) أي: موضع البعد عنك[5] ذو سعة،...................................................
[1] قوله: [حشو غير مفسد] أمّا كونه حشواً فلزيادته لا لفائدة لأنّ القبليّة مفهومة من لفظ ½الأمس¼, وأمّا كونه غير مفسد فلعدم إبطاله المعنى, وفي "الأطول" لك أن تقول اللام في ½الأمس¼ للاستغراق أي: كلّ أمس, ووصفُه بالقبليّة من قبيل وصف الجنس بما يعمّ كلّ فرد تبييناً لعمومه وتنصيصاً عليه كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا مِن دَآبَّةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا طَٰٓئِرٖ يَطِيرُ بِجَنَاحَيۡهِ﴾ [الأنعام:٣٨], وعلى هذا لا يكون ½قبله¼ حشواً كما أنه غير مفسد.
[2] قوله: [وهذا بخلاف إلخ] دفع لما قد يقال هلاّ جعل ½قبله¼ هنا بمنزلة ½بعيني¼ في ½أبصرته بعيني¼ مثلاً فيدخل في باب التأكيد ويخرج من قبيل الحشو, وحاصل الدفع أنّ التأكيد لا يكون إلاّ عند الإنكار أو خوفه أو تجويز الغفلة أو نحو ذلك ولا يصحّ شيء من ذلك هنا فلا يكون زيادته لقصد التأكيد. قوله ½في مقام يفتقر إلى التأكيد¼ كمقام دفع المجاز لأنه يحتمل ½أبصرته بقلبي¼ و½سمعته بقلبي¼ و½أمرت بكتابته¼.
[3] قوله: [قدّمها] أي: قدّم المصـ المساواة في التمثيل. قوله ½لأنها الأصل إلخ¼ أي: لأنها أصل قيس عليه الإيجاز والإطناب عند السكّاكي وهذا القدر كاف في تقديمها, والأولى أن يقال قدّمها لقلّة مباحثها لأنّ الأصل المقيس عليه عند المصـ هو أصل المعنى المراد.
[4] قال تعالى: [﴿وَلَا يَحِيقُ ٱلۡمَكۡرُ ٱلسَّيِّئُ إِلَّا بِأَهۡلِهِۦۚ﴾] قوله ½ولا يحيق¼ من ½حاق به الشيء¼ أي: أحاط به. قوله ½المكر السيّء¼ وهو من جانب الحقّ أن يفعل بالعبد ما يهلكه. قوله ½إلاّ بأهله¼ أي: إلاّ بمستحقّه بعصيانه وكفره, فهذا الكلام مساواة لأنّ المعنى قد أدّي بما يستحقّه من التركيب, والمقام يقتضي ذلك إذ لا مقتضي للعدول عنه إلى الإيجاز أو الإطناب.
[5] قوله: [أي: موضع البعد عنك إلخ] إشارة إلى أنّ ½الْمُنْتَأَى¼ اسم مكان من ½انتأى عنه¼ أي: بعد, وإلى أنّ قوله ½عَنْكَ¼ متعلِّق به بناءً على أنّ اسم المكان يعمل في الظرف, والمشهور أنه لا يعمل فيه ولا في غيره, وعلى هذا فالجارّ والمجرور يتعلّق بقوله ½وَاسِعٌ¼ لتضمينه معنى البعد.