محذوف (وإمّا أكثر) عطف على ½إمّا جملة¼ أي: أكثر (من جملة) واحدة (نحو: ﴿أَنَا۠ أُنَبِّئُكُم بِتَأۡوِيلِهِۦ فَأَرۡسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ﴾[1] [يوسف:٤٥-٤٦] أي:) فأرسلوني (إلى يوسف لأستعبره الرؤيا ففعلوا فأتاه فقال له يا يوسف، والحذف على وجهين أن لا يقام شيء مقام المحذوف) بل يكتفى[2] بالقرينة (كما مرّ) في الأمثلة السابقة (وأن يقام نحو: ﴿وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدۡ كُذِّبَتۡ رُسُلٞ مِّن قَبۡلِكَۚ﴾ [فاطر:٤]) فـ½قد كذبت¼ ليس جزاء الشرط لأنّ تكذيب الرسل متقدّم على تكذيبه بل هو[3] سبب لمضمون الجواب المحذوف أقيم مقامه (أي: فلا تحزن واصبر) ثمّ الحذف لا بدّ له من دليل (وأدلّته كثيرة منها أن يدلّ العقلُ عليه) أي: على الحذف (والمقصودُ الأظهر على تعيين المحذوف نحو: ﴿حُرِّمَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡمَيۡتَةُ﴾ [المائدة:٣]) فالعقل دلّ[4] على أنّ هنا حذفاً إذ الأحكام الشرعيّة إنّما تتعلّق بالأفعال دون الأعيان، والمقصود
[1] قال تعالى: [﴿فَأَرۡسِلُونِ (٤٥) يُوسُفُ﴾] فالمحذوف من النظم أربعُ جمل مع متعلِّقاتها وهي ½لأستعبره الرؤيا¼ و½ففعلوا¼ و½فأتاه¼ و½فقال له¼, ومتعلِّقُ ½أرسلون¼ وهو ½إلى يوسف¼, وحرفُ النداء القائم مقام جملة ½أدعو¼, ودليل هذه المحذوفات ظاهر لأنّ طلب الإرسال إنّما هو للاستعبار ونداء يوسف يقتضي أنه وصل إليه وهو متوقِّف على فعل الإرسال والإتيان إليه ثم النداء محكيّ بالقول, فحذف كلّ ذلك اختصاراً للعلم بالمحذوف.
[2] قوله: [بل يكتفى إلخ] أي: بل يكتفى في فهم المحذوف بالقرينة اللفظيّة أو الحاليّة الدالّة عليه. قوله ½في الأمثلة السابقة¼ أي: في أكثرها لأنّ من الأمثلة قوله تعالى: ﴿وَسَۡٔلِ ٱلۡقَرۡيَةَ﴾ [يوسف:٨٢] وهو ممّا قام فيه ½القرية¼ مقام المحذوف.
[3] قوله: [بل هو] أي: بل تكذيب الرسل قبله. قوله ½لمضمون إلخ¼ وهو الصبر وترك الحزن, وإنّما كان تكذيب الرسل قبله سبباً لهذا المضمون لأنّ المكروه إذا عمّ طاب وهان. قوله ½أقيم مقامه¼ صفة لـ½سبب¼ أي: أقيم ذلك السبب مقام الجواب المحذوف.
[4] قوله: [فالعقل دلّ إلخ] تفصيل لكون العقل دالاًّ على الحذف في الآية وكون المقصود الأعظم دالاّ على تعيين المحذوف, والمراد بكون العقل دالاًّ على الحذف أنه مدرِك للحذف بالدليل القاطع من غير توقّف على قرائن وحينئذ فالعقل مستدلّ لا دليل والدليل هو عدم تصوّر تعلّق الحرمة بالأعيان لأنّ الحرمة عبارة عن طلب الترك ولا معنى لطلب ترك الأعيان بدون ملاحظة تناولها ونحوه. قوله ½إذ الأحكام إلخ¼ علّة لدلالة العقل على أنّ في الآية حذفاً. قوله ½دون الأعيان¼ أي: كما هو ظاهر الآية فإنّ مدلولها تحريم ذوات الميتة وما معها.