يعني من أدلّة تعيين المحذوف[1] لا من أدلّة الحذف لأنّ دليل الحذف ههنا هو أنّ الجارّ والمجرور لا بدّ من أن يتعلّق بشيء، والشروع في الفعل دلّ على أنه ذلك الفعل الذي شرع فيه (نحو ½بسم الله¼ فيقدّر ما جعلت التسمية مبدأً له) ففي القراءة يقدّر ½بسم الله أقرأ¼ وعلى هذا القياس[2] (ومنها) أي: من أدلّة تعيين المحذوف (الاقتران كقولهم للمعرِّس: ½بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِيْنَ¼) فإنّ مقارَنة[3] هذا الكلام لإعراس المخاطَب دلّ على تعيين المحذوف (أي: أعْرَسْتَ) أو مقارنة المخاطب بالإعراس وتلبّسه به دلّ على ذلك، والرِّفاء هو الالتيام والاتّفاق[4] والباء للملابسة (والإطناب إمّا بالإيضاح بعد الإبهام ليُرَى المعنى في صورتين مختلفتين) إحداهما مبهمة والأخرى موضحة، وعِلْمان خير[5] من علم واحد (أو ليتمكّن
[1] قوله: [يعني من أدلّة تعيين المحذوف] أي: بعد دلالة العقل على أصل الحذف, وإنّما أتى بالعناية لأنّ ظاهر كلام المصـ يقتضي أنّ الأدلّة الآتية للحذف لأنّ سياقه في بيان أدلّة الحذف. قوله ½لأنّ دليل إلخ¼ أي: لأنّ دليل الحذف في ½بسم الله¼ هو العقل بسبب إدراكه أنّ الجارّ والمجرور لا بدّ له من أن يتعلّق بشيء فإذا لم يكن ذلك المتعلَّق ظاهراً حكم بحذفه وتقديره. قوله ½دلّ على أنه¼ أي: دالّ على أنّ ذلك الشيء المتعلَّق المحذوف. قوله ½ذلك الفعل¼ أي: اللفظ الدالّ على ذلك الفعل.
[2] قوله: [وعلى هذا القياس] ففي الأكل يقدَّر ½بسم الله آكل¼ وفي الركوب يقدّر ½بسم الله أركب¼ وفي القيام يقدَّر ½بسم الله أقوم¼ وهكذا, وقيل يجوز تقدير ½بسم الله أبتدئ¼ في الكلّ.
[3] قوله: [فإنّ مقارنة إلخ] اعلم أنّ في معنى قوله ½الاقتران¼ وجهين أحدهما مقارنة الكلام الذي وقع فيه الحذف بحال المخاطَب والثاني مقارنة المخاطَب بحاله, فأشار الشارح إلى الأوّل بقوله ½فإنّ مقارنة هذا الكلام لإعراس المخاطَب إلخ¼ وإلى الثاني بقوله ½أو مقارنة المخاطَب بالإعراس إلخ¼. قوله ½وتلبّسه به¼ عطف تفسير لقوله ½مقارنة المخاطَب بالإعراس¼.
[4] قوله: [والاتّفاق] عطف تفسير. قوله ½والباء للملابسة¼ أي: أعرست ملتبساً بالاتّفاق بينك وبين زوجتك وملتبساً بولادة البنين, والجملة خبر لفظاً وإنشاء معنى أي: جعلك الله ملتئماً مع زوجتك والداً للبنين, وهذا دعاء الجاهليّة حيث يحترزون بالبنين عن البنات ولذا ورد النهي عنه.
[5] قوله: [وعلمان خير إلخ] أي: وإدراك الشيء من جهة الإبهام ثمّ إدراكه من جهة التفصيل علمان وعلمان خير من علم واحد, وأشار بهذا إلى مثل سائر أصله أنّ رجلاً وابنه سلكا طريقاً فقال الرجل يا بنيّ ابحث لنا عن الطريق فقال إنّي عالم فقال يا بنيّ علمان خير من علم واحد, ثمّ صار يضرب في مدح المشاورة والبحث عن الأمور.