بالمقصود أعني التشبيه بما يهتدى به إلاّ أنّ في قولها ½في رأسه نار¼ زيادة مبالغة (وتحقيقِ) أي: وكتحقيق (التشبيه[1] في قوله: كَأَنَّ عُيُوْنَ الْوَحْشِ حَوْلَ خِبَائِنَا *) أي: خِيامنا (وَأَرْحُلِنَا الْجَزْعُ الَّذِيْ لَمْ يُثَقَّبِ) الجَزْع بالفتح[2] الخرز اليماني الذي فيه سواد وبياض، شبّه به عيون الوحش وأتى بقوله ½لَمْ يُثَقَّب¼ تحقيقاً للتشبيه لأنّه إذا كان غير مثقوب كان أشبه بالعين، قال الأصمعي الظبي والبقرة إذا كانا حيّين فعيونهما كلّها سواد[3] فإذا ماتا بدا بياضها، وإنّما شبّهها بالجزع وفيه سواد وبياض بعد ما موّتت، والمراد كثرة الصيد يعني ممّا أكلنا كثرت العيون عندنا..................
[1] قال: [وتحقيقِ التشبيه] أي: بيان التساوي بين الطرفين في وجه الشبه بأن يذكر في الكلام ما يدلّ على أنّ المشبَّه مساوٍ للمشبَّه به في وجه الشبه حتّى كأنه هو, وقد أشار الشارح بقوله ½أي: كتحقيق¼ إلى أنّ قوله ½تحقيق التشبيه¼ بالجرّ عطف على قوله ½تأكيد الإنذار¼. قال: ½عيون الوحش¼ أي: عيون الظباء وبقر الوحش المصادَة لنا. قال: ½خبائنا¼ واحد الأخبية والمراد به جنس الخيام الصادق بالكثير كما أشار إليه الشارح بقوله ½أي: خيامنا¼ ويدلّ عليه قوله ½وأرحلنا¼ فهو من عطف التفسير.
[2] قوله: [الجزع بالفتح] أي: بفتح الجيم وسكون الزاء, وأمّا الجَزَع بالفتحتين فهو ضدّ الصبر. قوله ½الخرز اليماني¼ وهو عقيق فيه دوائر البياض والسواد. قوله ½وأتى بقوله ½لم يثقّب¼ إلخ¼ أي: لمّا كان الجزع المثقَّب يخالف العيون مخالفة مّا في الشكل زاد قوله ½الذي لم يثقّب¼ لتحقّق التشابه في الشكل بتمامه فهذه الزيادة لتحقيق التشبيه أي: التساوي في وجه الشبه, وليس هذا من المبالغة السابقة كما يتوهّم إذ لم يقصد علوّ المشبّه به في وجه الشبه ليعلو بذلك المشبّه الملحق به فقد ظهر الفرق بين تحقيق التشبيه والمبالغة فيه.
[3] قوله: [كلّها سواد] أي: بحسب الظاهر لأنها لا تخلو في نفس الأمر من بياض كما يشير إليه قوله ½بدا بياضها¼ أي: ظهر بياضها الذي كان غطي بالسواد زمن حياتهما. قوله ½وفيه سواد وبياض¼ جملة حاليّة. قوله ½بعد ما موّتت¼ أي: بعد ما صارت ميتة, وهذا ظرف لقوله ½شبّهها¼. قوله ½والمراد¼ أي: ومراد الشاعر. قوله ½ممّا أكلنا¼ متعلِّق بقوله الآتي ½كثرت العيون إلخ¼ وذلك لأنهم كثيراً مّا يصطادون الوحوش ويأكلونها ويتركون عيونها حول أخبيتهم.