عنوان الكتاب: مختصر المعاني

على نفي الكامل من الرجال وقد أكّده بقوله (أَيُّ الرِّجَالِ الْمُهَذَّبُ) استفهام إنكاريّ أي: ليس في الرجال منقّح الفعال مرضيّ الخصال (وإمّا بالتكميل ويسمّى الاحتراس أيضاً) لأنّ فيه التوقّي[1] والاحتراز عن توهّم خلاف المقصود (وهو أن يؤتى في كلام يُوهِم خلاف المقصود بما يدفعه) أي: يدفع إيهام خلاف المقصود، وذلك الدافع قد يكون في وسط الكلام وقد يكون في آخره فالأوّل[2] (كقوله: فَسَقَى دِيَارَكَ غَيْرَ مُفْسِدِهَا *) نصب على الحال من فاعل ½سَقَى¼ وهو (صَوْبُ الرَّبِيْعِ) أي: نزولُ المطر ووقوعُه في الربيع (وَدِيْمَةٌ تَهْمِيْ) أي: تسيل[3] فلمّا كان نزول المطر قد يؤول إلى خراب الديار وفسادها أتى بقوله ½غَيْرَ مُفْسِدِهَا¼ دفعاً لذلك (و) الثاني[4] (نحو: ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ) فإنّه لمّا كان ممّا يُوهِم


 



[1] قوله: [لأنّ فيه التوقِّي إلخ] بيان لوجه تسميته بالاحتراس فإنّ حرس الشيء حفظه وفي هذا النوع من الإطناب توقّ أي: حفظ المعنى ووقاية له من توهّم خلاف المقصود, وأمّا تسميته بالتكميل فلتكميله المعنى بدفع إيهام خلاف المقصود عنه, ومن الاحتراس قول الإمام أحمد رضا خان عليه رحمة الرحمن بالأردوية: تم  کرم سے مشتری ہر  عيب  كے * جنس  نا  مقبول   ہر  بازار  ہم فإنّ اشتراء الشيء المعيب قد يكون للكرم وقد يكون للجهل به فأتى بقوله ½کرم سے¼ دفعاً لتوهّم أنّ اشترائه المعيبَ للجهل به.

[2] قوله: [فالأوّل] وهو ما إذا كان الدافع لإيهام خلاف المقصود في وسط الكلام. قوله ½نصب¼ أي: منصوب. قوله ½أي: نزول المطر¼ من إضافة الصفة إلى الموصوف تفسير للصوب. قوله ½ووقوعه¼ عطف تفسير. قوله ½في الربيع¼ إشارة إلى أنّ إضافة الصوب إلى الربيع من إضافة المظروف إلى الظرف.

[3] قوله: [أي: تسيل] تفسير غير المشهور بالمشهور فإنّ قوله ½تَهْمِيْ¼ من ½هَمَى الْمَاءُ¼ إذا سال, والدِيْمَة المطر المسترسل أقلّه ما بلغ ثلث النهار أو الليل وأكثره ما بلغ أسبوعاً, وقيل المطر الدائم الذي لا رعد فيه ولا برق. قوله ½فلمّا كان إلخ¼ بيان للاحتراس في البيت. قوله ½دفعاً لذلك¼ أي: دفعاً لإيهام خلاف المقصود وهو أن يؤول نزول المطر إلى فساد الديار.

[4] قوله: [الثاني] وهو ما إذا كان الدافع لإيهام خلاف المقصود في آخر الكلام. قوله ½فإنّه لمّا كان يُوهِم إلخ¼ أي: فإنّ وصف القوم بكونهم أذلّة على المؤمنين لمّا كان يوهم أنّ وصفهم بالذلّ لضعفهم دفع هذا الإيهام بقوله إلخ وهذا بيان لوجود التكميل والاحتراس في الآية.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471