أن يكون ذلك لضعفهم دفعه بقوله: (أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾ [المائدة:٥٤]) تنبيهاً[1] على أنّ ذلك تواضع منهم للمؤمنين ولهذا عدّي الذلّ بـ½عَلَى¼ لتضمّنه معنى العطف، ويجوز أن يقصد[2] بالتعدية بـ½عَلَى¼ الدلالة على أنهم مع شرفهم وعلوّ طبقتهم وفضلهم على المؤمنين خافضون لهم أجنحتهم (وإمّا بالتتميم وهو أن يؤتى في كلام لا يُوهِم خلاف المقصود بفضلة) مثل مفعول أو حال أو نحو ذلك[3] ممّا ليس بجملة مستقلّة ولا ركن كلام، ومن زعم أنه أراد بالفضلة ما يتمّ أصل المعنى بدونه فقد كذبه كلام المصنف في "الإيضاح" وأنّه لا تخصيص[4]
[1] قوله: [تنبيهاً] مفعول له لقوله ½دفعه¼. قوله ½على أنّ ذلك¼ أي: كونهم أذلّة على المؤمنين. قوله ½منهم¼ أي: من القوم الممدوحين وهم قوم أبي موسى الأشعريّ رضي الله تعالى عنه المشار إليهم بقوله تعالى: ﴿فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ﴾. قوله ½ولهذا¼ أي: ولأجل كونه ذلك الذلّ تواضعاً منهم. قوله ½عدّي بـ½على¼ أي: وإلاّ فالذلّ يتعدّى باللام يقال ½ذلّ له¼.
[2] قوله: [ويجوز أن يقصد إلخ] حاصله أن لا يراعى التضمين في الذلّة بل تبقى الذلّة على معناها وإن فهم من القرائن أنها عن رحمة, ويكون التجوّز في استعمال ½على¼ موضع اللام إشارة إلى أنّ لهم رفعة واستعلاء على غيرهم من المؤمنين وأنّ تذلّلهم تواضع منهم لا عجز, والفرق بين الأمرين اللذين ذكرهما الشارح أنّ التوسّع بتضمين الذلّ معنى العطف و½على¼ على بابها على الأوّل, وباستعمال حرف موضع آخر على الثاني.
[3] قوله: [أو نحو ذلك] كالمجرور والتمييز. قوله ½ممّا ليس بجملة مستقلّة إلخ¼ كجملة الصفة والحال, وفيه إشارة إلى أنّ المراد بـ½فضلة¼ هنا ما ليس ركن كلام ولا جملة مستقلّة سواء كان مفرداً غير ركن كلام أو جملة غير مستقلّة. قوله ½ما يتمّ أصل المعنى بدونه¼ أي: ليدخل فيه الجملة الزائدة على أصل المراد. قوله ½فقد كذّبه إلخ¼ لأنّ المصنف مثّل التتميم في "الإيضاح" بـ½ممّا تحبّون¼ من قوله تعالى: ﴿لَن تَنَالُواْ ٱلۡبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَۚ﴾ [آل عمران:٩٢] ولا شكّ أنه لا يتمّ المعنى بدونه فهو ليس فضلة بالمعنى المزعوم فلا يكون تتميماً.
[4] قوله: [وأنه لا تخصيص إلخ] عطف على ½كلامُ المصنف¼ أي: وكذّبه عدم تخصيص ذلك بالتتميم لأنّ جميع أقسام الإطناب يتمّ المعنى بدونه فلا خصوصيّة للتتميم بذلك فذكر الفضلة فيه بهذا المعنى مستدرك.