الكلام لأنّ قوله: ½ولهم ما يشتهون¼ عطف على قوله ½لله البنات¼ (والدعاءِ في قوله:[1] إنّ الثَّمَانِيْنَ وَبُلِّغْتَهَا * قَدْ أَحْوَجَتْ سَمْعِيْ إِلَى تَرْجُمَانِ) أي: مفسِّر[2] ومكرِّر، فقوله ½بُلِّغْتَهَا¼ اعتراض في أثناء الكلام لقصد الدعاء والواو في مثله تسمّى اعتراضيّة ليست بعاطفة ولا حاليّة[3] (والتنبيهِ في قوله: وَاعْلَمْ فَعِلْمُ الْمَرْءِ يَنْفَعُهُ) هذا اعتراض[4] بين ½اِعْلَمْ¼ ومفعوله وهو (أَنْ سَوْفَ يَأْتِيْ كُلُّ مَا قُدِّرَا) ½أنْ¼ هي المخفّفة من المثقّلة وضمير الشأن محذوف[5]
[1] قال: [في قوله] أي: في قول عوف بن محلم الشيباني يشكو ضعفَه في قصيدته التي قالها لعبد الله بن طاهر وكان قد دخل عليه فسلّم عليه عبد الله فلم يسمع فأعلم بذلك فدنا منه وأنشده القصيدة. قال: ½إنّ الثمانين¼ إنّ السنوات الثمانين التي مضت من عمري. قال: ½وبلغتَها¼ أي: وبلّغك الله إيّاها. قوله ½ترجمان¼ بفتحِ التاء وضمِّ الجيم أو بضمِّهما أو بفتحِهما ويجمع على تراجم كزعفران وزعافر.
[2] قوله: [أي: مُفسِّر] اعلم أنّ الترجمان في الأصل من يفسِّر لغة بلغة أخرى لكنّ المراد به هنا من يفسِّر بصوت أجهر من الصوت الأوّل فقوله ½ومكرِّر¼ عطف تفسير. قوله ½فقوله ½بلغتها¼ إلخ¼ تطبيق المثال بالممثّل له.
[3] قوله: [ولا حاليّة] اعلم أنّ الواو الاعتراضيّة قد تلتبس بالواو الحاليّة فلا يعيِّن إحداهما إلاّ القصد فإن قصد كون الجملة قيداً للعامل فهي حاليّة وإلاّ فهي اعتراضيّة ويحتملهما قوله تعالى: ﴿ثُمَّ ٱتَّخَذۡتُمُ ٱلۡعِجۡلَ مِنۢ بَعۡدِهِۦ وَأَنتُمۡ ظَٰلِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوۡنَا عَنكُم﴾ [البقرة:٥١-٥٢] فإن قدِّر ½ثمّ اتّخذتم العجل حال كونكم ظالمين¼ أي: بوضعكم العبادة في غير محلِّها كانت الواو حاليّة وإن قدِّر ½ثمّ اتّخذتم العجل وأنتم قوم عادتكم الظلم¼ حتّى يكون تأكيداً لظلمهم بأمر مستقلّ لم يقصد ربطه بالعامل كانت الواو اعتراضيّة والفرق بينهما دقيق.
[4] قوله: [هذا اعتراض إلخ] أي: قوله ½علم المرء ينفعه¼ اعتراض إلخ, ويستفاد منه أنّ الاعتراض يكون مع الفاء وبدونها كما يكون مع الواو وبدونها, ومثل هذه الفاء اعتراضيّة وفيها شائبة من السببيّة.
[5] قوله: [وضمير الشأن محذوف] أي: على مذهب الجمهور, ويجوز على مذهب غيرهم أن يكون المحذوف ضمير المخاطب المأمور بالعلم أي: إنّك سوف يأتيك كلّ ما قدِّرا. قوله ½يعني أنّ المقدور إلخ¼ تفسير لحاصل المعنى. قوله ½وفي هذا إلخ¼ أي: وفي قوله ½واعلم إلخ¼. قوله ½تسلية وتسهيل للأمر¼ لأنّ المرء إذا علم أنّ ما قدّره الله يأتيه لا محالة وما لم يقدِّره لا يأتيه أصلاً سهل عليه أمر الصبر والتفويض وترك المنازعة في الأقدار.