عنوان الكتاب: مختصر المعاني

مقام الثاني؛ فإنّ الذكيّ يناسبه من الاعتبارات اللطيفة والمعاني الدقيقة الخفيّة ما لا يناسب الغبيّ (ولكلّ كلمة مع صاحبتها) أي: مع كلمةٍ أخرى مصاحِبةٍ لها (مقام) ليس لتلك الكلمة[1] مع ما يشارك تلك المصاحِبةَ في أصل المعنى مثلاً الفعل الذي قصد اقترانه بالشرط فله مع ½إنْ¼ مقام ليس له مع ½إِذَا¼[2]، وكذا لكلٍّ من أدوات الشرط مع الماضي مقام ليس له مع المضارع، وعلى هذا القياس[3] (وارتفاع شأن الكلام في الحسن والقبول بمطابَقته للاعتبار المناسب وانحطاطه) أي: انحطاط شأنه[4] (بعدمها) أي: بعدم مطابقته للاعتبار المناسب، والمراد بالاعتبار المناسب الأمر الذي اعتبره المتكلِّم مناسباً للمقام بحسَب السليقة أو بحسَب تتبّع تراكيب البلغاء يقال: ½اعتبرتُ الشيء¼[5] إذا نظرتَ إليه وراعيتَ


 



[1]  قوله: [ليس لتلك الكلمة] أي: ليس ذلك المقام ثابتاً لتلك الكلمة المصاحَبة مع كلمةٍ أخرى مشاركةٍ لتلك المصاحِبة في أصل المعنى. قوله ½اقترانه بالشرط¼ لا شكّ أنّ الفعل في ½إن ضربت¼ نفس الشرط لا مقترن به فكأنّه أراد بالشرط أداته بحذف المضاف, ويمكن أن يراد بالفعل الفعل الذي وقع جزاء.

[2]  قوله: [ليس له مع ½إذَا¼ إلخ] فإنّ مقامَ الفعل مع ½إنْ¼ هو مقام عدم الجزم بالوقوع ومقامَه مع ½إذَا¼ هو مقام الجزم بالوقوع. قوله ½مع الماضي مقام ليس له مع المضارع¼ فإنّ مقام الأداة مع الماضي هو مقام إظهار غلبة الوقوع ومقامها مع المضارع هو مقام إظهار الاستمرار التجدّديّ.

[3]  قوله: [وعلى هذا القياس] بأن تقول للفعل مع ½هَلْ¼ الاستفهاميّة مقام ليس له مع همزة الاستفهام, وللمسند إليه مع المسند الفعليّ مقام ليس له مع المسند الاسميّ, وكذا للمسند إليه مع المسند جملة فعليّة أو اسميّة أو شرطيّة أو ظرفيّة مقام ليس له مع المسند مفرداً.

[4]  قوله: [أي: انحطاط شأنه] إشارة إلى المرجع, وكذا قوله ½أي: بعدم إلخ¼. قوله ½الأمر الذي إلخ¼ يشير إلى أنّه أطلق المصدر وأراد اسم المفعول. قوله ½بحسب السليقة¼ أي: الطبيعة, متعلِّق بـ½اعتبر¼, وهذا إذا كان المتكلّم من العرب العرباء. قوله ½أو بحسب إلخ¼ وهذا إذا كان المتكلّم من غيرهم.

[5]  قوله: [يقال ½اعتبرت الشيء¼ إلخ] دليل من اللغة لقوله ½والمراد بالاعتبار إلخ¼. قوله ½إذا نظرت إليه¼ أي: بأن أتيتَ به في الكلام. قوله ½وراعيتَ حاله¼ أي: الأمر الداعي إليه, وعطف هذا على ما قبله من عطف السبب على المسبّب لأنّ مراعاة الحال سبب للإتيان بمقتضاه.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471