والإحياء في الحقيقة إعطاء الحياة وهي صفة تقتضي الحسَّ والحركةَ الإراديّة، وكذا المراد بشباب الزمان زمان ازدياد قواها الناميةِ، وهو في الحقيقة عبارة عن كون الحيوان في زمان يكون حرارتُه الغريزيّةُ مشبوبةً أي: قويّة مشتعِلة (أو مختلفان) بأن يكون[1] أحد الطرفين حقيقة والآخر مجازاً (نحو: ½أنبت البقلَ شبابُ الزمان¼) فيما المسند حقيقة والمسند إليه مجاز (و½أحيى الأرضَ الربيعُ¼) في عكسه، ووجه الانحصار[2] في الأربعة على ما ذهب إليه المصنِّف ظاهر؛ لأنه اشترط في المسند أن يكون فعلاً أو في معناه فيكون مفرداً وكلُّ مفردٍ مستعملٍ إمّا حقيقة أو مجاز (وهو) أي: المجاز العقليّ[3] (في القرآن كثير) أي: كثير في نفسه لا بالإضافة إلى مقابله حتّى تكون الحقيقة العقليّة قليلة، وتقديمُ ½في القرآن¼ على ½كثير¼ لمجرّد الاهتمام، كقوله تعالى: (﴿وَإِذَا تُلِيَتۡ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتُهُۥ) أي: آيات الله (زَادَتۡهُمۡ إِيمَٰنٗا﴾ [الأنفال:٢]) أُسنِد الزيادة[4] وهي فعل الله تعالى إلى الآيات لكونها سبباً (﴿يُذَبِّحُ أَبۡنَآءَهُمۡ﴾
[1] قوله: [بأن يكون إلخ] تصوير لكون الطرفين مختلفين. قوله ½حقيقة¼ أي: لغويّة. قوله ½مجازاً¼ أي: لغَويًّا. قوله ½فيما المسند إلخ¼ حال من المثال المذكور أي: كائناً فيما المسند فيه حقيقة والمسند إليه مجاز. قوله ½في عكسه¼ أي: كائناً فيما المسند فيه مجاز والمسند إليه حقيقة.
[2] قوله: [ووجه الانحصار إلخ] أي: وجه كون أقسام المجاز العقليّ منحصرة في الأربعة إلخ. قوله ½على ما ذهب إلخ¼ أي: وأمّا على رأي السكّاكي فغير ظاهر؛ لأنه لا يشترط في المسند أن يكون فعلاً أو في معناه فيجوز أن يكون جملة, وفي وصفها بالحقيقة اللغويّة والمجاز اللغويّ تردّد؛ لأنهما مفسَّران بالكلمة فيقتضي أن لا يوصف الجملة بهما, نعم! لو نظر إلى أنه يجوز وصف الشيء بوصف أجزائه وأجزاء الجملة مفردات يصحّ وصفها بهما. قوله ½مستعمل¼ قيّد به لأنّ اللفظ قبل الاستعمال لا يوصف بالحقيقة والمجاز.
[3] قوله: [أي: المجاز العقليّ] تعيين للمرجع. قوله ½مقابله¼ أي: الحقيقة العقليّة. قوله ½لمجرّد الاهتمام¼ أي: للاهتمام المجرّد عن اللطائف.
[4] قوله: [أسند الزيادة إلخ] ينبغي قراءة ½أسند¼ هنا وما بعده بالبناء للمفعول تأدّباً. قوله ½إلى الآيات¼ أي: إلى الضمير الراجع إلى الآيات. قوله ½لكونها سبباً¼ أي: لكون الآيات سبباً عادياً للزيادة.