عنوان الكتاب: مختصر المعاني

لِما أودعه من دقائق الحسن والجمال تظهر بعد التأمّل والإمعان، وفي هذا[1] تعريضٌ بالشيخ عبد القاهر وردٌّ عليه حيث زعم أنه لا يجب في المجاز العقلي أن يكون للفعل فاعل يكون الإسناد إليه حقيقة؛ فإنه ليس[2] لـ½سَرَّتْنِيْ¼ في ½سَرَّتْنِي رؤيتُك¼ ولا لـ½يَزِيْدُكَ¼ في ½يَزِيْدُكَ وَجْهُه حُسْناً¼ فاعل يكون الإسناد إليه حقيقة، وكذا ½أقدمني بلدَك حقّ لِي على فلان¼ بل الموجود ههنا هو السرور والزيادة والقدوم، واعترض عليه الإمام فخر الدين الرازيّ بأنّ الفعل لا بدّ أن يكون[3] له فاعل حقيقة لامتناع صدور الفعل لا عن فاعل فهو إن كان ما أسند إليه الفعل فلا مجاز وإلاّ[4] فيمكن تقديره، فزعم صاحب "المفتاح" أنّ اعتراض الإمام حقّ وأنّ فاعل هذه الأفعال هو الله تعالى وأنّ الشيخ لَم يعرف حقيقتها لخَفائها فتبعه المصنف، وظنّي أنّ هذا تكلّف[5] والحقّ ما ذكره الشيخ (وأنكره) أي:


 



[1]  قوله: [وفي هذا تعريض إلخ] أي: في قوله ½ومعرفة حقيقته إمّا ظاهرة إلخ¼ تعريض إلخ؛ لأنّ هذا القول يدلّ على أنّه لا بدّ في المجازي العقليّ من الفاعل الحقيقيّ إلاّ أنه قد يكون ظاهراً وقد يكون خفيًّا. قوله ½وردّ عليه¼ عطف تفسير. قوله ½حيث زعم إلخ¼ أي: لأنه قال الشيخ إلخ.

[2]  قوله: [فإنه ليس إلخ] حاصله أنّ الأفعال المذكورة هنا من الإقدام والمسرّة والزيادة المتعدّية أمور اعتباريّة ليست بموجودة فلا يطلب لها فاعل حقيقيّ وإنما الموجود في الخارج هو القدوم والسرور والزيادة اللازمة.

[3]  قوله: [بأنّ الفعل لا بدّ أن يكون إلخ] وفيه أنّ الشيخ ينكر لزوم الحقيقة للمجاز العقليّ وليس مراده نفي الفاعل للفعل الموجود فإنّ ذلك لا يسع لعاقل فضلاً عن فاضل.

[4]  قوله: [وإلاّ فيمكن تقديره] أي: وإن لم يكن الفاعل الحقيقيّ ما أسند إليه الفعل فيمكن إلخ, والأولى أن يقول ½وإلاّ فلا بدّ من تقديره¼ ليكون مناسباً للدعوى.

[5]  قوله: [وظنّي أنّ هذا تكلّف] أي: الذي قاله المصـ تبعاً للرازي والسكّاكي تكلّف؛ وذلك لأنّ تقدير الفاعل الموجِد وهو الله تعالى في مثل هذه الأفعال تقدير لما لا يقصد في الاستعمال ولا يتعلّق به الغرض في التركيب. قوله ½والحقّ ما ذكره الشيخ¼ وذلك لأنّه ليس مراده نفيَ الفاعل عن الفعل الموجود بل نفيَ وجوب الفاعل لكلّ فعل أسند إلى الفاعل المجازيّ وهذا حقّ؛ لأنّ ممّا أسند إلى الفاعل المجازيّ أفعالاً اعتباريّة منتفية في الاستعمال بمعنى أنّ المتكلِّم لا يقصد الإخبار بها بل يستعملها في لازمها فلا يكون لها فاعل حقيقيّ.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

471