تفيد الحصر كما يقال[1] ضربي زيداً في الدار , ومعلوم أنّ الكلام إنّما يرتفع بالبلاغة وهي مطابقة الكلام الفصيح لمقتضى الحال, فحصل هنا مقدّمتان إحداهما أن ليس ارتفاعه إلاّ بمطابقته للاعتبار المناسب, والثانية أن ليس ارتفاعه إلاّ بمطابقته لمقتضى الحال, فيجب أن يكون المراد بالاعتبار المناسب ومقتضى الحال واحداً وإلاّ لبطل[2] أحد الحصرين أو كلاهما, وفيه نظر[3] وهذا أعني[4] تطبيق الكلام لمقتضى الحال هو الذي يسمّيه الشيخ
[1] قوله: [كما يقال إلخ] فإنّ معناه أنّ كلّ فرد من أفراد الضرب الواقع على زيد في الدار. قوله ومعلوم إلخ حاصله أنّ قوله فمقتضى الحال إلخ تفريع على مقدِّمتين إحداهما عُلِمت من كلام الماتن وهي أن ليس ارتفاع الكلام إلاّ بمطابقته للاعتبار المناسب والثانية معلومة من كلام القوم وهي أن ليس ارتفاع الكلام إلاّ بمطابقته لمقتضى الحال, فعلم أنّ مقتضى الحال هو الاعتبار المناسب.
[2] قوله: [وإلاّ لبطل إلخ] دليل على وجوب الاتّحاد أي: وإن لم يكن المراد بمقتضى الحال والاعتبار المناسب واحداً لبطل أحد الحصرين وهذا على تقدير أن يكون بينهما عموم وخصوص مطلقاً ويظهر ذلك بالتأمّل في قولنا لا يباع إلاّ إنسان ولا يباع إلاّ حيوان فإنّ الأوّل يبطل ببيع الفرس مثلاً. قوله أو كلاهما هذا على تقدير أن يكون بينهما عموم وخصوص من وجه ويظهر ذلك بالتأمّل في قولنا لا يباع إلاّ الأبيض ولا يباع إلاّ الحيوان فإنّ الأوّل يبطل ببيع الحيوان الأسود والثاني يبطل ببيع الحجر الأبيض, أو يكون بينهما تباين ويظهر ذلك بالتأمّل في قولنا لا يباع إلاّ الفرس ولا يباع إلاّ الغلام فإنّ الأوّل يبطل ببيع الغلام والثاني ببيع الفرس, فوجب أن يكون بينهما تساو وهو المطلوب.
[3] قوله: [وفيه نظر] وجه النظر أنا لا نسلِّم أنه يلزم بطلان أحد الحصرين أو كليهما على تقدير أن يكون بينهما عموم وخصوص مطلقاً أو من وجه لأنّ الحصر في الأعمّ مطلقاً أو من وجه لا يجب أن يحصل في ضمن جميع أفراد الأعمّ بل يجوز أن يحصل في ضمن حصول الحصر في أفراد الأخصّ فلا يبطل شيء من الحصرين, وجوابه أنّ الظاهر المتبادر من الحصرين أنّ كلاًّ من المطابقتين سبب يدور معه الارتفاع وجوداً وعدماً, وإذا كان دائراً مع الأعمّ يجب تناوله لجميع أفراده تحقيقاً للدوران معه.
[4] قوله: [وهذا أعني إلخ] هذه الجملة وقعت من المصـ في "الإيضاح" في البين لمجرّد إفادة أنّ النظم وتطبيق الكلام للمقتضى واحد ولا تعلّق لها بالتفريع الآتي في المتن, والشارح نقلها لبيان تلك الإفادة.