عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

الفنّ الأول علم المعاني

قدّمه على البيان[1] لكونه منه بمنزلة المفرد من المركّب[2] لأنّ البيان[3] علم يعرف به إيراد المعنى الواحد في تراكيب مختلفة بعد رعاية المطابقة[4] لمقتضى الحال ففيه زيادة اعتبار ليست في علم المعاني, والمفرد مقدّم على المركب طبعاً[5]


 



[1] قوله: [قدّمه على البيان إلخ] جواب سؤال مقدَّر وهو أنّ علم البلاغة عبارة عن المعاني والبيان كليهما فما وجه تقديم المعاني على البيان, وحاصل الجواب أنّ المعاني بمنزلة المفرد والبيان بمنزلة المركَّب فهو مقدَّم عليه طبعاً كما أنّ المفرد مقدَّم على المركَّب طبعاً فقدّمه عليه وضعاً ليوافق الوضع الطبع في الترتيب.

[2] قوله: [لكونه منه بمنزلة المفرد من المركَّب] من هذه تسمّى اتّصاليّة لأنه يفهم منها اتّصال شيء بمجرورها وهي ابتدائيّة إلاّ أنّ الابتداء ههنا باعتبار الاتّصال يعني مجرورها ليس مبدأ ومنشأ لنفس ما قبلها بل لاتّصاله بشيء فإمّا أن يقدَّر متعلَّقها فعلاً خاصًّا كما قال العلاّمة الطيبي في شرح "المشكوة" في بيان قوله عليه الصلاة والسلام: ((أنت منّي بمنزلة هارون من موسى)) أو فعلاً عامًّا كما ذهب إليه السيِّد الشريف في حواشي شرح "المفتاح", فالتقدير ههنا: لكون المعاني متّصلاً بالبيان ونازلاً منه منزلة المفرد متّصلاً بالمركَّب ونازلاً منه, أو لكون منزلة المعاني كائنة من البيان كمنزلة المفرد كائنة من المركَّب.

[3] قوله: [لأنّ البيان إلخ] لمّا كان جَعْل المعاني من البيان بمنزلة المفرد من المركَّب متضمِّناً لادّعاء أنه ليس المعاني مفرداً والبيان مركَّباً وأنّ المعاني بمنزلة المفرد والبيان بمنزلة المركَّب أقام الدليل على الأوّل بقوله لأنّ البيان علم إلخ وعلى الثاني بقوله ففيه زيادة اعتبار إلخ وحاصله أنّ المعاني علم يعرف به أحوال اللفظ التي يطابق بها لمقتضى الحال والبيان علم يعرف إلخ فليس مفهوم المعاني جزءً لمفهوم البيان لكن في مفهوم البيان اعتبر قيد زائد على ما اعتبر في علم المعاني وهو إيراد المعنى الواحد إلخ فبهذا الاعتبار صار مفهوم علم المعاني بالنسبة إلى مفهوم علم البيان بمنزلة المفرد من المركَّب.

[4] قوله: [بعد رعاية المطابقة إلخ] متعلِّق بقوله إيراد, وليس المراد أنه يعرف به الإيراد المقيَّد بهذا الظرف فإنّه خلاف الواقع لأنّ علم البيان غير متوقّف على علم المعاني فإنّ من له ملَكة إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة في الوضوح يكون عالماً بالبيان وإن لم يكن المؤدَّى مطابقاً لمقتضى الحال وغايته أنه لا يكون بليغاً بل المراد أنّ ذلك الإيراد إنّما يعتبر ويعتدّ به بعد رعاية المطابقة.

[5] قوله: [والمفرد مقدَّم على المركَّب طبعاً] أي: تقدّماً طبعيًّا, والتقدّم الطبعيّ هو تقدّم المحتاج إليه على المحتاج بحيث لا يكون المتقدِّم علّة تامّة للمتأخِّر كتقدّم الواحد على الإثنين.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400