المسند إليه المحذوف هو الفاعل وحينئذٍ يجب إسناد الفعل إلى المفعول, ولا يفتقر هذا إلى القرينة[1] الدالّة على تعيين المحذوف بل إلى مجرّد الغرض الداعي إلى الحذف مثل: قُتل الخارجيّ لعدَم الاعتناء بشأن قاتله وإنّما المقصود أن يُقتَل ليؤمَن مِن شرّه, وقد يكون[2] حذف الشيء إشعاراً بأنه بلغ من الفخامة مبلغاً لا يمكن ذكره, قال الله تعالى: ﴿إِنَّ هَٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ يَهۡدِي لِلَّتِي هِيَ أَقۡوَمُ﴾ [بني إسرائيل:٩] أي: الملّةِ التي أو الحالةِ أو الطريقةِ, ففي الحذف فخامة لا توجد في الذكر, أو بلغ[3] من الفظاعة إلى حيث لا يقتدر المتكلّمُ على إجرائه على اللسان أو السامعُ على استماعه ولهذا إذا قلت: كيف فلان سائلاً عن الواقع في بليّة يقال: لا تسأل عنه إمّا لأنه يجزع أن يُجرِي على لسانه ما هو فيه لفظاعتِه وإضجارِه المتكلّمَ, وإمّا لأنك لا تَقدِر على استماعه لإيحاشِه السامعَ وإضجارِه (وأمّا ذكره فلكونِه)
[1] قوله: [ولا يفتقر هذا إلى القرينة إلخ] وذلك لأنه لا غرض يتعلّق بتعيين الفاعل إذ المقصود هو وقوع الفعل على المفعول من أيّ فاعل كان. قوله بل إلى إلخ أي: بل يفتقر إلى مجرّد الغرض إلخ.
[2] قوله: [وقد يكون إلخ] بيانٌ لبعض النكات لمطلق الحذف سواء كان المحذوف مسنداً إليه أو غيرَه فمنها الإشعار بأنه قد بلغ مبلغاً من العظمة لا يمكن ذكره كما في حذف موصوف الموصول في الآية.
[3] قوله: [أو بلغ إلخ] أي: أو إشعاراً بأنّ المحذوف قد بلغ في الشناعة إلى مقام لا يقتدر المتكلِّمُ على إجرائه على اللسان. قوله أو السامعُ أي: أو إشعاراً بأنه قد بلغ في الشناعة إلى مقام لا يقتدر السامع على استماعه. قوله ولهذا إلخ أي: ولأجل أنه قد لا يقتدر المتكلِّم على إجراء شيء على اللسان أو السامعُ على استماعه لشناعة حاله إذا قلت إلخ. قوله إمّا لأنه إلخ تعليل للنهي عن السؤال عنه. قوله وإضجارِه المتكلِّمَ أي: وجعلِه يضجَر. قوله لإيحاشه السامعَ أي: لجعله إيّاه يستوحش.