(أحوال المسند إليه)
أعني الأمور العارضة له[1] من حيث إنه مسند إليه كحذفه وذكره وتعريفه وتنكيره وغير ذلك من الاعتِبارات الراجعة إليه لذاته[2] لا بواسطة الحكمِ أو المسندِ مثلاً ككونِه مسنداً إليه لحكم مؤكَّدٍ أو متروكِ التأكيد وكونِه مسنداً إليه لمسند مقدّم أو مؤخّر معرّفٍ أو منكّر ونحو ذلك, وسيأتي[3] بيان كون المسند إليه أولى بالتقديم (أمّا حذْفه) قدّمه[4] على سائر
[1] قوله: [أعني الأمور العارضة له إلخ] يعني أنّ الأمور المذكورة في هذا الباب عارضة للمسند إليه من حيث إنه مسند إليه كحذفه ونحو ذلك, والحيثيّة هنا تقييديّة أي: الأمور العارضة للمسند إليه حال كونه موصوفاً بكونه مسنداً إليه, وفائدتها الاحتراز عن الأمور التي تعرُضُ له لا من هذه الحيثيّة ككونه حقيقة أو مجازاً وكونه كليًّا أو جزئيًّا وكونه جوهراً أو عرضاً.
[2] قوله: [لذاته] متعلِّق بـالراجعة بتضمين معنى العروض أي: الراجعةِ إليه العارضةِ لذاته بأن لا يكون لها واسطة في العروض, واعلم أنّ الوسائط ثلاث: واسطةٌ في العروض بأن يكون شيء عارضاً لشيء حقيقةً وبواسطته يعرض لآخر مجازاً كحركةِ جالس السفينة بواسطتها, وواسطةٌ في الثبوت قسماً أوّلاً بأن تكون الواسطة سبباً لثبوتِ صفةٍ لذي واسطة من غير اتّصافها بها كوجودِ زيد بواسطة الإمكان, وواسطةٌ في الثبوت قسماً ثانياً بأن يكون اتّصاف الواسطة بصفة سبباً لاتّصاف ذي الواسطة بها فالصفة قائمة بهما حقيقةً كحركة المفتاح بواسطة اليد, فالأمورُ العارضةُ له لكونه مسنداً إليه لها واسطة في الثبوت, والعارضةُ له بواسطة الحكمِ أو المسندِ لها واسطة في العروض فإنّ التأكيدَ وتركَه وتقديمَ المسند إنّما هي قائمة على الحقيقة بالحكمِ والمسندِ ووصفُ المسند إليه بها على التجوّز, فقوله لا بواسطة الحكمِ إلخ تفسيرٌ لقوله لذاته وبيانُ أنّ فائدتَه الاحتراز عن الأمور العارضة له بواسطة في العروض.
[3] قوله: [وسيأتي إلخ] إشارة إلى جواب سؤال ظاهر, وحاصل ما أشار إليه أنّ المسند إليه لكونه ركناً أعظم للكلام أولى بالتقديم في الذكر فبيانُ أحواله أيضاً أولى بالتقديم فقدّمه على بيان أحوال المسند.
[4] قوله: [قدّمه إلخ] جواب سؤال وهو أنّ تقديم حذف المسند إليه على سائر أحواله ترجيح المرجوح لأنّ الحذف عدميّ والأحوال الباقية وجوديّة والوجود أشرف من العدم, وحاصل الجواب ظاهر, لكن يرد أنّ العلّة المذكورة إنّما تفيد تقديم الحذف على الذكر خاصّة دون سائر الأحوال فلا يطابق الجواب السؤال, وجوابه أنّ بقيّة الأحوال فرع للذكر لكونها كالتفصيل له والمقدَّم على الأصل مقدَّم على الفرع.