عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

أو غيرَ صائم, ومنهم من لم يقِف[1] على مراد السكّاكيِّ بالاستعارة بالكناية فأجاب عن الأوّلين بأنّ الاستعارة إنّما هي في ضمير راضية والمعنى: فهو في عيشة راض صاحبها بها, والمراد بالنهار الصائم مطلقاً فيكون من باب إضافة العامّ إلى الخاصّ, ولو سُلِّم[2] فمن إضافة المسمّى إلى الاسم, فانظر إلى ما ارتَكَبَ من التمَحُّلات المُسْتَبشِعة[3] وحَمَل الكلامَ[4] الذي هو من البلاغة بمكان على الوجه المُستَرْذَل, وعن الثالث[5] بأنّ الأمر بالبناء لهامان


 



[1] قوله: [ومنهم من لم يقِف إلخ] فإنه زعم أنّ مذهبه في الاستعارة بالكناية أن يذكر المشبَّه ويراد به المشبَّه به حقيقةً. قوله فأجاب عن الأوّلين أي: عن الاعتراضَين الأوّلَين وهما لزوم ظرفيّة الشيء لنفسه ولزوم إضافة الشيء إلى نفسه. قوله إنّما هي في ضمير راضية أي: لا في عيشة حتّى يلزم المحال المذكور. قوله والمراد بالنهار الصائم مطلقاً لأنه هو المشبَّه به والضمير الذي أضيف إليه النهار راجع إلى فلان نفسه وهو خاصّ فيكون إضافة النهار إليه من إضافة العامّ إلى الخاصّ لا من إضافة الشيء إلى نفسه.

[2] قوله: [ولو سُلِّم إلخ] أي: ولو سُلِّم أنّ المراد بالنهار هو الصائم المخصوص فنقول إنّ الضمير في نهاره راجع إلى الاسم فيكون إضافة النهار إليه من إضافة المُسمَّى إلى الاسم كأنه قيل: الشخص المُسمَّى بزيد صائم فلا يلزم أيضاً إضافة الشيء إلى نفسه.

[3] قوله: [من التمَحُّلات المُسْتَبشِعة إلخ] أي: من التكلّفات الغير الظاهرة, أمّا أوّلاً فلأنّ الضمير إنّما يقبل الاستعارة باعتبار ما يُعبَّر به عنه فإذا كان الاستعارة في ضمير راضية كان المراد منه العيشةَ المشبَّهة بصاحبها فهو غير العيشة المذكورة معنًى فالتقدير: فهو في عيشة راض صاحب عيشة أي: فهو في عيشة كعيشة راض صاحب العيشة بها ليصحّ وقوعه صفة للعيشة المذكورة, وفيه تقديرات غير ظاهرة, وأمّا ثانياً فلأنه إذا كان إضافة العامّ إلى الخاصّ في نهاره يلغو الحكم عليه بأنه صائم فيلاحظ في الحكم عليه بأنه صائم من حيث اتّحاده بالخاصّ وهو فلان لا من حيث اتّصافه بالصوم لئلاّ يلغو الحكم, وأمّا ثالثاً فلأنه لا بدّ في هذه الإضافة أيضاً من ارتكاب ملاحظته مجرّداً عن اتّصافه بالصوم لئلاّ يلغو الحكم.

[4] قوله: [وحَمَل الكلامَ إلخ] أي: وحَمَل ذلك المجيبُ الكلامَ الذي هو بمرتبة عالية من البلاغة على الوجه الرذيل المحتاج إلى تكلّفات باردة كما عرفتها.

[5] قوله: [وعن الثالث إلخ] أي: وأجاب عن الاعتراض الثالث وهو لزوم أن لا يكون الأمر بالبناء لهامان, وحاصل ما أجاب به أنّ المراد بهامان المشبَّه هو الباني المشبَّه به حقيقةً كما هو مذهب السكّاكيّ فيكون الأمر بالبناء لهامان مجازاً وللعملة حقيقةً. قوله ألا ترى! إلخ دليل لتنوير الدعوى.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400