حمل الكلام على الاستعارة كما صرّح به[1] في كتابه وقال فيه: إنّ نحو رأيت بفلان أسداً و لقيني منه أسد وما أشبه ذلك من باب التشبيه لا الاستعارة, وجوابه[2]: أنا لا نسلّم أنّ ذكر الطرفين مطلقاً يُنافِي الاستعارةَ بل إذا كان[3] على وجهٍ يُنبِئ عن التشبيه سواء كان على جهة الحمل نحو: زيد أسد أو لا نحو: لُجَين الماء بدليل أنه جَعَل نحوَ قوله: قَدْ زَرَّ أَزْرَارَهُ عَلَى الْقَمَرِ من قبيل الاستعارة مع اشتماله على ذكر الطرفين[4] على أنّ المشبّه به[5] ههنا هو شخص صائم مطلقاً والضمير لفلان نفسه من غير اعتبار كونه صائماً
[1] قوله: [كما صرّح به] أي: كما صرّح السكّاكيُّ بكون ذكرهما مانعاً عن حمل الكلام على الاستعارة. قوله وقال فيه إلخ بيانٌ لتصريح السكّاكيّ, وحاصله أنه صرّح بأنّ التجريد -سواء كان بالباء نحو رأيتُ بفلان أسداً أي: رأيت بسبب رؤية فلان أسداً أو بـمِنْ نحو لقيني منه أسد أي: لقيني لأجل ملاقاته أسد- لا يكون من باب الاستعارة لكونه مشتملاً على طرفي التشبيه بل يكون تشبيهاً لأنّ التجريد فرع عن التشبيه فلولا أنه جُعِل أسداً ادّعاءً لم يصحّ أن يجرّد منه أسد.
[2] قوله: [وجوابه إلخ] أي: وجواب هذا النقض من جانب السكّاكيّ إلخ, وحاصله ظاهر.
[3] قوله: [بل إذا كان إلخ] أي: بل ذكرهما إنّما ينافي الاستعارةَ إذا كان على وجهٍ يُنبِئُ عن التشبيه بأن لا يصحّ المعنى إلاّ بملاحظة التشبيه وذلك إذا وقع المشبَّه به خبراً عن المشبَّه كما في زيد أسد أو صفةً له كما في رأيت رجلاً أسداً أو كان بينهما إضافة بيانيّة كما في لُجَين الماء, وليس في قولنا نهاره صائم وليله قائم ذكر الطرفين على وجهٍ ينبئ عن التشبيه فلا يمنع حمل الكلام على الاستعارة.
[4] قوله: [على ذكر الطرفين] وهما القمر وضمير أَزْرَارَهُ أو غَلاَلَتِهِ في أوّله: لاَ تَعَجَّبُوْا مِنْ بِلَى غَلاَلَتِهِ, فجعلُه من باب الاستعارة مع ذكر الطرفين يدلّ على أنّ ذكرهما مطلقاً لا ينافي الاستعارة عنده.
[5] قوله: [على أنّ المشبَّه به إلخ] جواب آخر عن النقض, وحاصله أنا لا نُسلِّم أنّ الطرفين مذكوران في نحو نهاره صائم لأنّ المشبَّه به ههنا هو شخص صائم مطلقاً أي: أيّ صائم كان وهو غير مذكور والضمير الذي أضيف إليه النهار لفلان نفسه وهو غير المشبَّه به. قوله من غير اعتبار كونه صائماً أو غيرَ صائم إنّما قاله ليكون أبعد من كونه مُشبَّهاً به لأنه قد اعتبر في المشبَّه به كونه صائماً.