من عمرو و زيد هو يقاوم الأسد , ذكر صاحب "الكشّاف" في قوله تعالى: ﴿أَلَمۡ يَعۡلَمُوٓاْ أَنَّ ٱللَّهَ هُوَ يَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ﴾ [التوبة:١٠٤] هو للتخصيص والتأكيد[1] وقد يكون[2] لمجرّد التأكيد إذا كان التخصيص حاصلاً بدونه بأن يكون في الكلام ما يفيد قصرَ المسند على المسند إليه نحو: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلرَّزَّاقُ﴾ [الذاريات:٥٨] أي: لا رزّاق إلاّ هو, أو قصرَ المسند إليه على المسند نحو: الكرم هو التقوى و الحسب هو المال أي: لا كرم إلاّ التقوى[3] ولا حسب إلاّ المال, قال أبو الطيِّب[4]: إِذَا كَانَ الشَّبَابُ السَّكَرَ وَالشَّيْـ * ـبُ هَمًّا فَالْحَيَاةُ هِيَ الْحِمَامُ, أي: لا حيوة إلاّ الحِمام (وأمّا تقديمه) أي: تقديم المسند إليه على
[1] قوله: [هو للتخصيص والتأكيد] أي: لفظ هو في الآية لقصرِ المسند على المسند إليه وتأكيدِ الحكم بمعنى أنّ الله يقبل التوبة من عباده لا غيره وأنّ الله من شأنه قبول التوبة, ثمّ كون الفصل هنا للتخصيص على تقدير أن لا يكون تقديم لفظ الجلالة على المسند الفعليّ للتخصيص بل للتقوّي.
[2] قوله: [وقد يكون إلخ] أي: وقد يكون الفصل لمجرّد تأكيد الحكم من غير إفادة التخصيص فيكون الفصل مستعملاً في جزء معناه, فإن كان الحكم بطريق قصر المسند على المسند إليه أفاد تأكيدَه کما في الآية, وإن كان بطريق قصر المسند إليه على المسند أفاد تأكيدَه كما في الكرم هو التقوى, وهذا أي: كون الفصل لمجرّد التأكيد إذا كان التخصيص حاصلاً بدون الفصل كالتعريف والتقديم.
[3] قوله: [أي: لا كرم إلاّ التقوى] إشارة إلى أنّ معنى الكرم التقوى على قصر المسند إليه على المسند لأنّ المعرَّف بلام الجنس إذا جُعِل مبتدأ فهو المقصور على الخبر, ولا معنى لقصر التقوى على الكرم كما لا يخفى, فالفصل في الكرم هو التقوى لمجرّد تأكيده, وكذا في المثال الثاني.
[4] قوله: [قال أبو الطيِّب إلخ] تأييدٌ لمجيء الفصل لمجرّد تأكيد الحكم بقصر المسند إليه على المسند. قوله إذا كان الشباب إلخ السكَرُ كلّ ما يُسكِر, والحِمام الموت, يعني أنّ الحياة المعتدّ بها لا تنفكّ عن الشباب والشيب وما الشباب إلاّ سكَراً وما الشيب إلاّ هَمًّا فالحياة هي الموت, فمعنى فالحياة الحِمام على قصر المسند إليه على المسند إذ لا معنى هنا لقصر المسند على المسند إليه كما هو ظاهر, فالفصل في فالحياة هي الحِمام لمجرّد تأكيد هذا القصر.