عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

رأيتُ اليومَ أبا لهب وأردتَ كافراً جهنّميًّا لاشتهار أبي لهب بهذا الوصف يكون استعارة نحو رأيتُ حاتِماً ولا يكون من الكناية في شيء فليتأمّل[1] فإنّ هذا المقام من مَزالّ الأقدام (أو إيهامِ استلذاذه) أي: العلَم (أو التبرّكِ به أو نحوِ ذلك) كالتفاؤلِ[2] والتطيّرِ والتسجيلِ على السامع وغيرِ ذلك ممّا يناسب اعتبارُه في الأعلام (وبالموصوليّة) أي: تعريف المسند إليه بإيراده موصولاً, وكان الأنسب[3] أن يقدّم عليه ذكر اسم الإشارة لكونه أعرف لأنّ المخاطب يعرف مدلوله بالقلب والعين بخلاف الموصول, ثُم الموصول وذو اللام سواء في الرتبة[4] ولهذا صحّ جعل ﴿ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ [الناس:٥] صفة لـ﴿ٱلۡخَنَّاسِ﴾,


 



[1] قوله: [فليتأمّل] إشارة إلى صعوبة المقام كما صرّح به قوله فإنّ هذا المقام من مَزالّ الأقدام أي: لأنّ هذا المقام من المواضع التي قد زلّت فيها أقدام العلماء.

[2] قوله: [كالتفاؤلِ] أي: فالِ نیک کردن نحو سعد في دارك. قوله والتطيّرِ أي: فالِ بدگرفتن نحو السفّاك في دار صديقك. قوله والتسجيلِ أي: ضبط الحكم وكتابته على السامع بحيث لا يقدر على الإنكار نحو زيد أقرّ بكذا في جواب هل هذا أقرّ بكذا مشيراً إلى زيد. قوله ممّا يناسب اعتباره في الأعلام بيانٌ للغير وذلك كالتنبيه على غبارة المخاطب بأنه لا يتعيّن عنده المسند إليه إلاّ باسمه المختصّ به.

[3] قوله: [وكان الأنسب إلخ] أي: وكان الأنسب للمصـ أن يقدِّم الإشارة على الموصول لأنه يظهر من صنيعه فيما سبق أنه يُقدِّم الأعرف فالأعرف والإشارةُ أعرف من الموصول. قوله لأنّ المخاطب إلخ دليل لكون اسم الإشارة أعرف من الموصول. قوله يعرف مدلولَه بالقلب والعين أي: بالإشارة العقليّة والحسيّة بخلاف الموصول فإنه إنّما يعرفه بالعلم بالصلة, ويُمكِن أن يكون صنيع المصـ هنا للإشارة إلى أنّ موافقة الترتيب الذكريّ للترتيب الرتبيّ ليست بواجبة.

[4] قوله: [ثمّ الموصول وذو اللام سواء في الرتبة] أي: فلا بدّ من نكتة في الفصلِ بينهما باسم الإشارة وتأخير الثاني عنه مع تقديمِ الأوّل عليه كما هو صنيع المصـ. قوله ولهذا صحّ إلخ أي: ولأجل أنهما سواء في التعريف وليس الموصول أعرف من ذي اللام صحّ جعل الموصول صفة لذي اللام فلو كان الموصول أعرف لم يصحّ ذلك لأنّ الموصوف لا بدّ أن يكون أعرف من الصفة أو مُساوياً له.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400