عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

معنى يصلح له الاسم نحو أبو لهب فعل كذا [1] وفي التنزيل[2]: ﴿تَبَّتۡ يَدَآ أَبِي لَهَبٖ [اللهب:١] أي: يدا جهنّميٍّ[3] لأنّ انتسابه إلى اللَهَب يدلّ على ملابَسته إيّاها, كما يقال[4]: هو أبو الخير و أبو الشرّ و أخو الفضل و أخو الحرب لمن يُلابِس هذه الأمورَ, واللهب الحقيقيّ[5] لهب جهنّم, فالانتقال من أبي لهب إلى جهنميّ انتقال من الملزوم إلى اللازم أو من اللازم إلى الملزوم على اختلاف الرأيـين في الكناية, إلاّ أنّ هذا اللزوم[6] إنّما هو بحسب الوضع الأوّل أعني الإضافِيَّ دون الثاني أعني العلَميَّ وهم يعتبرون في


 



[1] قوله: [أبو لهب فعل كذا] فـأبو لهب في هذا المثال كناية عن جهنّميّ أي: جهنّميّ فعل كذا.

[2] قوله: [وفي التنزيل إلخ] إنّما غيّر الأسلوب ولم يقل ونحو قوله تعالى: إلخ لأنّ العلَم هنا مضافٌ إليه ظاهراً ومسندٌ إليه حقيقةً لأنّ لفظ يدا مُقحَمٌ أو كنايةٌ عن الذات كما في قوله تعالى: ﴿بِمَا قَدَّمَتۡ يَدَاكَ [الحج:١٠] أي: بما قدّمتَ, فتكون الآية نظيراً لما نحن فيه نظراً إلى الظاهر ومثالاً له نظراً إلى الحقيقة.

[3] قوله: [أي: يدا جهنّميٍّ] بيانٌ للمعنى الكنائيّ. قوله لأنّ انتسابه إلى اللَهَب إلخ تعليل لصحّة الكناية في الآية بـأبي لهب عن جهنّميّ, وحاصله أنّ الكناية عبارة عن ذكر الملزوم وإرادة اللازم أو عن عكسه على اختلاف القولين, وانتسابُه إلى اللهب يدلّ على ملازمته لها وملازمتُه لها يستلزم كونَه جهنّميًّا لزوماً عرفيًّا وإن لم يستلزمه عقلاً فإنّ خَزَنَة النار ملابسون لها وليسوا بجهنّميّين.

[4] قوله: [كما يقال إلخ] استشهاد على أنّ انتساب الشيء إلى الشيء يدلّ على ملابسته إيّاه عرفاً.

[5] قوله: [واللهب الحقيقيّ إلخ] فيه دفعٌ لما يرد من أنّ الانتساب في أبي لهب يدلّ على ملابسته مطلقَ اللهب سواء كان لهب الدنيا أو لهب جهنّم فكيف يصحّ إرادة ملابسته لهبَ جهنّم, وحاصل الدفع أنّ المطلق ينصرف إلى الكامل واللهب الكامل هو لهب جهنّم. قوله فالانتقال إلخ تفريع على السابق. قوله على اختلاف الرأيين فإنّ الكناية انتقال من الملزوم إلى اللازم عند المصـ وبالعكس عند السكّاكيّ.

[6] قوله: [إلاّ أنّ هذا اللزوم إلخ] يعني أنّ اللزوم بين أبي لهب وجهنّميّ ليس بحسب الوضع الثاني العلَميّ فقط بل مع ملاحظة الوضع الأوّل الإضافِيّ وهم يعتبرون في الكُنيات المعانيَ الأصليّة فـأبي لهب مستعمل في الشخص المعيَّن باعتبار الوضع العلَميّ ويُنتقَل منه إلى معنى ملابس اللهب باعتبار وضعه الأصليّ الإضافِيّ ليُنتقَل منه إلى أنه جهنّميّ فهو كناية عن الصفة بالواسطة.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400