عليه الأمر في نحو إِنَّ الَّذِيْ سَمَكَ السَّمَاءَ و إِنَّ الَّتِيْ ضَرَبَتْ و إِنَّ الَّذِيْنَ تَرَوْنَهُمْ لعدم تحقّق السببيّة[1] وهو لم يتعرّض لذلك, ومن الناس[2] مَن اقتفى أثره في تفسير الوجه بالعلّة لكن هرب عن الإشكال بأنّ معنى قوله: ثم يتفرّع على هذا أي: على إيراد المسند إليه موصولاً من غير اعتبار الإيماء فلا يلزم أن يكون في الأبيات المذكورة إيماء, وسوق الكلام[3] يُنادِي على فساد هذا الرأي عند المُنصِف, وقد يُقصَد بالموصول[4] الحثّ على التعظيم أو التحقير أو الترحّم أو نحو ذلك كقولنا: جاءك الذي أكرمك أو أهانك أو الذي سُبِيَ أولادُه ونُهِب أموالُه , وقد يكون للتهكّم[5] نحو: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِي نُزِّلَ عَلَيۡهِ ٱلذِّكۡرُ إِنَّكَ لَمَجۡنُونٞ﴾ [الحجر:٦] ولطائف هذا الباب لا تكاد تضبط (وبالإشارة)...........
[1] قوله: [لعدم تحقّق السببيّة] تعليل لإشكال الأمر في نحو ما ذكر. قوله وهو لم يتعرّض لذلك أي: والعلاّمة المذكور لم يتعرّض لذلك الإشكال أصلاً لا إيراداً ولا دفعاً.
[2] قوله: [ومن الناس إلخ] وهو العلاّمة الآمديّ فإنه تابَعَ العلاّمة في تفسير الوجه بالعلّة وأشعر بالإشكال المذكور لكنه هرب عن وروده بأنّ المشار إليه لـهذا هو مجرّد جعل المسند إليه موصولاً لا جعله موصولاً مُومِياً إلى وجه بناء الخبر, فلا يلزم أن يكون في الأبيات المذكورة إيماء إلى وجه بناء الخبر.
[3] قوله: [وسوق الكلام إلخ] ردّ على رأي العلاّمة الآمديّ, وحاصله أنّ سياق كلام "المفتاح" يدلّ على فساد هذا الرأي عند مَن تمسّك بذيل الإنصاف لأنه قال في بيان وجوه إيراد المسند إليه موصولاً: أو أن يؤمى بذلك إلى وجه بناء الخبر فتقول الذين آمنوا لهم درجات النعيم والذين كفروا لهم دركات الجحيم ثمّ يتفرّع على هذا اعتبارات لطيفة إلخ فظاهر هذا الكلام يدلّ على أنّ الإشارةَ بـذلك إلى إيراد المسند إليه موصولاً والإشارةَ بـهذا إلى الإيماء.
[4] قوله: [وقد يُقصَد بالموصول إلخ] إشارةٌ إلى نكتة أخرى لإيراد الموصول والصلة. قوله جاءك الذي أكرمك فيه حثّ المخاطب على إكرام الجائي. قوله أو أهانك أي: جاءك الذي أهانك فيه حثّ على إهانة الجائي. قوله أو الذي إلخ أي: جاءك الذي سُبِيَ أولادُه إلخ فيه حثّ على الترحّم.
[5] قوله: [وقد يكون للتهكّم] إشارة إلى مزيد نكتة لإيراد الموصول والصلة أي: وقد يكون إيراد الموصول والصلة للاستهزاء كما في قول الكفّار الرُذَلاء المَجانين.