وسقط اعتراض المصنّف[1] بأنه لا يظهر فرق بينهما فكيف يُجعَل الإيماء ذريعة إليه, ألا ترى! أنّ قوله: إِنَّ الَّذِيْ سَمَكَ البيت, و إِنَّ الَّذِيْنَ تَرَوْنَهُمْ البيت, فيه إيماءٌ من غير تحقيق الخبر, وقد يُجعَل ذريعةً[2] إلى التنبيه على الخطأ كما مرّ, فأَحسِن التأمّل في هذا المقام فإنه من مَطارِح الأنظار, والفاضل العلاّمة[3] قد فسّر في شرح "المفتاح" الوجهَ في الإيماء إلى وجه بناء الخبر بالعلّة والسبب كما هو الظاهر في قولنا: إنّ الذين آمنوا لهم درجات النعيم ثُمّ صرّح بأنّ قوله: ثم يتفرّع على هذا اعتبارات لطيفة ربما جعل ذريعة إلى كذا وكذا إشارةٌ إلى جعل المسند إليه موصولاً مُومِياً إلى وجه بناء الخبر فأشكل[4]
[1] قوله: [وسقط اعتراض المصنِّف] على السكّاكيّ في "الإيضاح", وحاصلُ الاعتراض ووجهُ سقوطه كلاهما ظاهران. قوله ألا ترى أنّ قوله إلخ تنوير الدليل على الفرق بينهما.
[2] قوله: [وقد يُجعَل ذريعةً إلخ] أي: وقد يُجعَل الإيماء إلى وجه بناء الخبر ذريعةً إلخ. قوله كما مرّ أي: في قوله إِنَّ الَّذِيْنَ تَرَوْنَهُمْ إِخْوَانَكُمْ إلخ. قوله فإنه من مَطارِح الأنظار تعليل للأمر بإحسان التأمّل أي: لأنّ هذا الموضع من المواضع التي ينبغي أن تُطرَح فيها الأنظار ليُعلَم ما فيه من الدقّة والأسرار.
[3] قوله: [والفاضل العلاّمة] وهو شارح "مفتاح العلوم" قطب الدين الشيرازيّ. قوله بالعلّة والسبب أي: على خلاف ما فسّرناه به وهو الطريق. قوله كما هو الظاهر في قولنا إنّ الذين آمنوا إلخ فإنّ إيمانهم سبب لنيلهم درجات النعيم. قوله ثمّ صرّح إلخ أي: ثمّ صرّح هذا العلاّمة بأنّ هذا في قول "المفتاح": ثمّ يتفرّع على هذا اعتبارات إلخ إشارةٌ إلى جعل المسند إليه موصولاً مُومِياً إلى وجه بناء الخبر.
[4] قوله: [فأشكل إلخ] أي: إنه لمّا فسّر الوجه بالعلّة وجعل قوله هذا إشارة إلى الجعل المذكور كان معنى كلام "المفتاح" أنه يتفرّع على جعل المسند إليه موصولاً مُومِياً إلى علّة بناء الخبر اعتبارات إلخ, فلزمه الإشكال بعدم اطّراده في نحو إنّ الذي سمك السماء إلخ فإنّ سمك السماء ليس علّة لبناء البيت فلا يصدق فيه أنّ التعريض بتعظيم بناء البيت متفرّع على جعل المسند إليه موصولاً مومِياً إلى علّة بناء الخبر, وكذا الكلام في إنّ التي ضربت بيتاً إلخ وفي إنّ الذين ترونهم إخوانكم إلخ.