عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

في علم البديع (نحو: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسۡتَكۡبِرُونَ عَنۡ عِبَادَتِي سَيَدۡخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ [المؤمن:٦٠]) فإنّ فيه إيماءً[1] إلى أنّ الخبر المبنيّ عليه أمر من جنس العقاب والإذلال بخلاف ما إذا ذُكِرتْ أسماؤهم الأعلام (ثمّ إنه) أي: الإيماءَ[2] إلى وجه بناء الخبر (ربّما جعل ذريعة) أي: وسيلة (إلى التعريض بالتعظيم لشأنه) أي: لشأن الخبر (نحو) قول الفرزدق (إِنَّ الَّذِيْ سَمَكَ) أي: رفع (السَّمَاءَ بَنَى لَنَا * بَيْتاً) أراد به الكعبةَ[3] أو بيتَ الشرفِ والمجدِ (دَعَائِمُهُ أَعَزُّ وَأَطْوَلُ) من دعائم كلّ بيت, ففي قوله[4]: إنّ الذي سمك السماء إيماء إلى أنّ الخبر المبنيّ عليه أمر من جنس الرفعة والبناء بخلاف ما إذا قيل: إن الله تعالى أو الرحمن أو غير ذلك, ثم فيه تعريض بتعظيم بناء بيته لكونه فِعلَ مَن رفع السماء[5] التي لا بناء أرفع


 



[1] قوله: [فإنّ فيه إيماءً إلخ] تطبيق المثال بالممثَّل له. قوله أمر من جنس العقاب والإذلال وذلك لأنّ المستكبر لا يُبشَّر بالجنّة والإعزاز كما لا يخفى. قوله بخلاف إلخ أي: بخلاف ما إذا جيئ بأعلام المستكبرين مكان الموصول والصلة فإنه لم يحصل حينئذ الإيماء المذكور.

[2] قوله: [أي: الإيماءَ إلخ] إشارةٌ إلى أنّ الضمير في قوله إنه راجع إلى الإيماء إلى وجه بناء الخبر لا إلى إيراد المسند إليه موصولاً. قوله قول الفرزدق إشارة إلى تعيين الشاعر.

[3] قوله: [أراد به الكعبةَ إلخ] إشارة إلى أنه يحتمل أن يكون المراد بالبيت في البيت البيت الحسّيّ وهو بيت الله الكعبة المشرَّفة زادها الله شرفاً وتعظيماً ويحتمل أن يكون المراد به فيه البيت المعنويّ وهو المجد والشرف, ومقصود الشاعر الافتخار على جرير. قوله من دعائم إلخ إشارة إلى المفضَّل عليه.

[4] قوله: [ففي قوله إلخ] تطبيق المثال بالممثَّل له. قوله أمر من جنس الرفعة إلخ أي: وإلاّ فلا وجه لتخصيص الصلة بذكر الرفعة والبناء فيها. قوله بخلاف إلخ أي: بخلاف ما إذا جاء بالعلم مثلاً مكان الموصول والصلة وقال إنّ الله إلخ فإنه لم يحصل حينئذ الإيماء المذكور.

[5] قوله: [لكونه فِعلَ مَن رفع السماء إلخ] أي: لكون بناء بيته فِعلَ مَن رفع السماء إلخ, وهذا تعليل للتعريض بالتعظيم وحاصله أنّ أفعال المؤثِّر الواحد متشابهة وشأن الصانع المُتقِن أن تكون صنعته متقنَة فحيث كان بناء بيتهم فعل من بنى السماء التي هي أرفع وأعظم فلا يكون إلاّ عظيماً لا محالة.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400