عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

(أو التفخيمِ نحو: ﴿فَغَشِيَهُم مِّنَ ٱلۡيَمِّ مَا غَشِيَهُمۡ[1] [طه:٧٨]) ومنه[2] في غير المسند إليه قول أبي نواس: وَلَقَدْ نَهَزْتُ مَعَ الْغُوَاةِ بِدَلْوِهِمْ * وَأَسَمْتُ سَرْحَ اللَّحْظِ حَيْثُ أَسَامُوْا * وَبَلَغْتُ مَا بَلَغَ امْرُءٌ بِشَبَابِهِ * فَإِذَا عُصَارَةُ كُلِّ ذَاكَ أَثَامُ (أو تنبيهِ المخاطب على الخطأ نحو) قول عبدة بن الطيب من قصيدة يَعِظ فيها بَنِيْه (إِنَّ الَّذِيْنَ تَرَوْنَهُمْ) أي: تظنّونهم (إِخْوَانَكُمْ * يَشْفِيْ غَلِيْلَ صُدُوْرِهِمْ أَنْ تُصْرَعُوْا) أي: تهلكوا أو تُصَابوا بالحوادث[3] ففيه من التنبيه على خطائهم في هذا الظنّ ما ليس في قولك: إنّ القوم الفُلانيّ, وجَعَل صاحب[4] "المفتاح"


 



[1] قال تعالى: [﴿فَغَشِيَهُم مِّنَ ٱلۡيَمِّ مَا غَشِيَهُمۡ] أُورِد المسند إليه موصولاً للتفخيم باعتبار الكمّ والكيفيّة أمّا الأوّل فلكثرةِ الماء المجتمع وتضمّنِه أنواعاً من العذاب, وأمّا الثاني فلسرعته في الغشيان فإنّ الماء المجتمع بالقسر إذا أرسل على طبعه كان في غاية السرعة ولأحاطت بجميعهم بحيث لم يتخلّص أحد.

[2] قوله: [ومنه إلخ] أي: وممّا جاء الموصول الغير المسند إليه للتفخيم قولُ إلخ. ونَهَزْتُ من نهزتُ بالدلو أي: ضربتُ بها الماء في البئر وحرّكتها لتمتلئ. والغُوَاةِ جمع غاوٍ وهو الضالّ. وأَسَمْتُ من أسَامَ الماشيةَ أي: أخرجها إلى المَرعَى. والسرح الماشية واللحظ النظر, والإضافة من لُجَين الماء. والعُصَارَةُ ما يسيل من عصر العنب ونحوه, والمراد الحاصل والخلاصة. وأَثَامُ اسم وادٍ في جهنّم, يقول صاحبتُ مع الغُواة في تحصيل اللذّات حتّى بلغتُ أقصى ما بلغ الإنسان في شبابه ففاجئتُ ووقفتُ أنّ حاصل ما سعيتُ جهنّم, والشاهد في بلغتُ ما بلغ امرء فإنّ في الإبهام هنا من التفخيم ما لا يخفى.

[3] قوله: [أي: تهلكوا أو تُصَابوا بالحوادث] إشارةٌ إلى أنّ الصرع الذي هو الإلقاء على الأرض إمّا كناية عن الهلاك أو الإصابة بالحوادث. قوله ففيه من التنبيه إلخ بيان مقدَّم لقوله ما ليس إلخ, وحاصله أنّ في تعريف المسند إليه بالموصوليّة هنا تنبيهاً على خطأهم في ظنّهم حيث رتّب على تحقّق الصلة ما هو مناف لها ليعلم منه أنّ الصلة منتفية وهذا التنبيه لا يوجد في قولنا إنّ القوم الفلانيّ يشفي غليل صدورهم أن تصرعوا كما لا يخفى على المتأمِّل.

[4] قوله: [وجَعَل صاحب إلخ] إشارة إلى مُخالَفة المصـ السكّاكيَّ بأنّ المصـ جَعَل البيت مثالاً لتعريف المسند إليه بالموصوليّة لتنبيه المُخاطَب على الخطأ وقد جَعَله السكّاكيّ مثالاً لجعل الإيماء إلى وجه بناء الخبر ذريعةً إلى التنبيه على الخطأ. قوله وردّه المُصنِّف إلخ فيه إشارةٌ إلى وجه مخالفته إيّاه, وحاصله أنّ ما ذهب إليه السكّاكيّ كان مردوداً عند المصـ فلم يتّبعه فيه.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400