فلا يتقرّر المسند إليه ولا يتعيّن مثلَه في التي هو في بيتها لأنها واحدة معيّنة مشخّصة, وممّا هو نصّ[1] في زيادة تقرير الغرض المَسوق له الكلام في غير المسند إليه بيتُ "السقط": أَعُبَّادَ الْمَسِيْحِ يَخَافُ صَحْبِيْ[2] * وَنَحْنُ عَبِيْدُ مَنْ خَلَقَ الْمَسِيْحَا, فإنه أدلّ على عدم خوفهم النصارى من أن يقول: نحن عبيد الله , والمشهور أنّ الآية مثال لزيادة التقرير فقط والمفهوم[3] من "المفتاح" أنها مثال لها ولاستهجان التصريح بالاسم لأنه قال: أو أن يُستهجَن التصريح أو أن يُقصَد زيادة التقرير نحو: ﴿وَرَٰوَدَتۡهُ ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَٰبَ﴾ [يوسف:٢٣] الآية, ثمّ قال: والعدول عن التصريح بابٌ من البلاغة[4] وأورد حكايةَ شُرَيح, فلو لم تكن مثالاً لهما لأخّر ذكرَ زيادة التقرير عن الحكاية فافهم
[1] قوله: [وممّا هو نصّ إلخ] يعني أنّ الآية تحتمل أن يكون تعريف المسند إليه فيها بالموصوليّة لزيادة تقريرِ الغرض المَسوق له الكلام أو تقريرِ المسند أو تقريرِ المسند إليه كما مرّ, وممّا يكون الموصول فيه نصًّا في زيادة تقرير الغرض المَسوق له الكلام بيتُ "السقط", وهو ديوان الشِعر لأبي العلاء.
[2] قوله: [أَعُبَّادَ الْمَسِيْحِ يَخَافُ صَحْبِيْ إلخ] البيت لأبي العلاء المعرّي قاله في بعض أسفاره حين خاف أصحابه من النصارى, والغرض الذي سيق لأجله هذا الكلام الإنكار على خوفهم منهم وقولُه وَنَحْنُ عَبِيْدُ مَنْ خَلَقَ الْمَسِيْحَا أدلّ عليه من قوله ونحن عبيد الله.
[3] قوله: [والمفهوم إلخ] يعني أنّ المشهور وإن كان ما ذكر لكنه يخالف لما يُفهَم من "مفتاح العلوم" من أنّ الآية مثال لزيادة التقرير ولاستهجان التصريح بالاسم كليهما.
[4] قوله: [والعدول عن التصريح بابٌ من البلاغة] هذا استطراديّ متعلِّق باستهجان التصريح. قوله وأورد حكايةَ شُرَيح وهي أنّ رجلاً أقرّ عنده بشيء ثمّ أنكره فقال له شُرَيح: شهد عليك ابنُ أخت أمّك يعني أنك شهدتَ عليك أنت نفسك والآن تُنكره, فآثر شُرَيح التطويل وترك الإيجاز ليعدل عن التصريح بنسبة الحماقة إليه. قوله لأخّر إلخ وذلك لئلاّ يقع بين الحكاية وبين ما تتعلّق به الحكايةُ من استهجان التصريح فاصلٌ أجبنيّ وهو ذكر زيادة التقرير, وإذا جُعِلت الآية مثالاً لهما لم يلزم الفصل بالأجنبيّ.