عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

هذا البيت ممّا جُعِل الإيماءُ إلى وجه بناء الخبر ذريعةً إلى التنبيه على الخطأ, وردّه المُصنِّف بأنه ليس فيه إيماءٌ إلى وجه بناء الخبر بل لا يبعد[1] أن يكون فيه إيماء إلى بناء نقيضه عليه, وجوابه[2]: أنّ العرف والذوق شاهدَا صدقٍ على أنك إذا قلت عند ذكر جماعة يعتقدهم المُخاطَبون إخواناً خُلَّصاً: إنّ الذين تظنّونهم إخوانَكم كان فيه إيماءٌ إلى أنّ الخبر المبنيّ عليه أمرٌ ينافي الأخوّة ويباين المحبّة (أو الإيماءِ إلى وجه بناء الخبر) أي: إلى طريقه[3] تقول عمِلتُ هذا العمل على وجه عملك وعلى جهته أي: طرزه وطريقته يعني تأتي بالموصول والصلة للإشارة إلى أنّ بناء الخبر عليه من أيّ وجهٍ وأيّ طريق من الثواب والعقاب والمدح والذم وغير ذلك, وحاصله[4] أن تأتي بالفاتحة على وجهٍ يُنبِّه الفَطِن على الخاتمة كالإرصاد


 



[1] قوله: [بل لا يبعد إلخ] ترقٍ من نفي الإيماء إلى وجه بناء الخبر إلى الإيماء إلى وجه بناء نقيض الخبر عليه أي: بل يُمكِن أن يكون فيه إيماءٌ إلى أنّ الخبر المبنيّ عليه من جنس المحبّة والمودّة والصداقة.

[2] قوله: [وجوابه إلخ] أي: والجواب عن اعتراض المصـ على السكّاكيّ إلخ, وحاصله أنّ مقصود صاحب "المفتاح" أنّ العُرف والذوق شاهدان صادقان على أنك إذا قلت عند ذكر جماعة يعتقدهم المخاطبون إخواناً خُلَّصاً: إنّ الذين ترونهم إخواناً يُفهَم منه أنّ الخبر المبنيّ عليه ممّا ينافي مضمونَ الصلة وهو كونهم إخواناً وحينئذ يجوز أن يُجعَل هذا الإيماء ذريعةً إلى التنبيه على خطأهم في ظنّهم.

[3] قوله: [أي: إلى طريقه] تفسيرٌ للوجه وتعيينٌ للمراد منه. قوله تقول إلخ استشهاد على أنّ الوجه يجيء بمعنى الطريق. قوله يعني تأتي إلخ فيه إشارةٌ إلى أنّ الإيماء الإشارة, وإلى أنّ الإيماء يحصل بالموصول والصلة لا بالموصول فقط, وإلى أنّ البناء بمعنى المبنيّ وإضافته إلى الخبر بيانيّة مثل أخلاق ثياب.

[4] قوله: [وحاصله إلخ] أي: وحاصل هذا الإيماء إلى وجه بناء الخبر إلخ. قوله يُنبِّه الفَطِن إلخ فيه إشارة إلى أنّ الإيماء المذكور لا يكون بالنسبة إلى كلّ أحد بل بالنسبة إلى الفطِن فقط. قوله كالإرصاد وهو الإتيان قبل العجز من الفقرة أو القافية بما يدلّ عليه إذا علم الروي كما في قوله تعالى: ﴿وَمَا ظَلَمۡنَٰهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ [النحل:١١٨] فإنّ قوله تعالى: وما ظلمناهم يدلّ على أنّ العجز المختوم بالواو والنون من مادّة الظلم, والفرق بينهما أنّ الإرصاد من المحسِّنات اللفظيّة والإيماء من النكات المعنويّة, وعلى هذا فالكاف في قوله كالإرصاد للتنظير.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400