إلى غير ذلك, فتعرفَ[1] لكلّ من ذلك موضعه وتجيء به حيث ما ينبغي له, وتنظرَ في الحروف[2] التي تشترك في معنى وينفرد كلّ منها بخصوصيّةٍ في ذلك المعنى فتضع كلاًّ من ذلك في خاصّ معناه نحو أن تأتي بـ مَا في نفي الحال وبـ لَنْ في نفي الاستقبال وبـ إنْ فيما يترجّح بين أن يكون وبين أن لا يكون وبـ إذَا فيما إذا علم أنه كائن, وتنظرَ في الجُمَل[3] التي تُسرَد فتعرفَ موضِع الفصل من موضِع الوصل وفي الوصل موضِع الواوِ من الفاء والفاءِ من ثُمّ إلى غير ذلك, وتتصرّف في التعريف[4] والتنكير والتقديم والتأخير والحذف والتكرار والإظهار والإضمار فتصيب لكلٍّ من ذلك مكانَه وتستعمله على الصحّة وعلى
[1] قوله: [فتعرفَ إلخ] عطف على قوله تنظرَ أي: بعد النظر إلى الوجوه المختلفة التي تذكر في النحو تعرف بالسليقة أو بالملَكة الحاصلة من تتبّع علم المعاني أنّ لكلّ واحد منها موضعاً مخصوصاً عند تركيب الكلام باعتبار إفادتها الأغراض المطلوبة منها وتجيء بكلّ واحد في موضع ينبغي له.
[2] قوله: [وتنظرَ في الحروف إلخ] كان النظر في الخبر والشرط والجزاء والحال باعتبار ما يعرض لها من الأحوال من الإفراد والجملة والاسميّة والفعليّة والتقديم والتأخير إلى غير ذلك وهذا النظر في الحروف باعتبار أنفس معانيها. قوله التي تشترك في معنى إلخ كحروف الشرط وحروف الاستفهام وغيرهما. قوله فيما يترجّح أي: فيما يتردّد بين أن يكون وأن لا يكون أي: في مقام عدم الجزم بوقوع الشرط. قوله وبإذا إلخ عدُّ إذَا من الحروف مع أنه من الأسماء مبنيّ على التغليب, ويمكن أن يكون المراد بالحروف هنا الكلمات من قبيل ذكر الخاصّ وإرادة العامّ وهو شائع في عبارات المتقدِّمين.
[3] قوله: [وتنظرَ في الجُمَل إلخ] كان النظران السابقان في المفرد والجملة وهذا النظر في الجُمَل. قوله التي تُسرَد أي: تُنسَج وتُساقُ منتظماً بعضها مع بعض, يقال فلان يَسرُد الحديث إذا كان جيِّدَ السياق له أي: تنظرَ في الجُمَل باعتبار العطفِ بالحروف المختلفة المعاني وتركِه فتعرف بالسليقة أو بعلم المعاني موضعَ كلّ واحد منها بحسَب الأغراض المطلوبة منها فتجيء به في موضعه.
[4] قوله: [وتتصرّف في التعريف إلخ] هذه عوارض غير مختصّة بشيء من المفردات فلذا فصله كذا في حاشية عبد الحكيم. قوله مكانَه أي: مكانه الذي يقتضيه كلٌّ من ذلك بحسَب الغرض المطلوب منه. قوله وتستعمله على الصحّة إلخ تفسير لقوله فتصيب لكلٍّ من ذلك مكانَه.