عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

كلدة من قصيدة أوّلها: أَيَّتُهَا النَّفْسُ[1] أَجْمِلِيْ جَزَعاً * إِنَّ الَّذِيْ تَحْذَرِيْنَ قَدْ وَقَعَا * إلى قوله: إِنَّ الَّذِيْ جَمَعَ السَّمَاحَةَ وَالنَّجْـ * ـدَةَ وَالْبِرَّ وَالتُّقَى جُمَعَا * (الأَلْمَعِيُّ الَّذِيْ يَظُنُّ بِكَ الظَّـ * ـنَّ كَأَنْ قَدْ رَأَى وَقَدْ سَمِعَا) الألمعيّ واليلمعيّ[2] الذكيّ المُتوقِّد, وهو إمّا مرفوع خبر إِنَّ أو منصوب صفة لاسم إنّ أو بتقدير أعني وخبر إنّ [3] في قوله بعد عدة أبياتٍ: أَوْدَى فَلاَ تَنْفَعُ الإِشَاحَةُ مِنْ * أَمْرٍ لِمَنْ قَدْ يُحَاوِلُ الْبِدَعَا, فالألمعيّ ليس بمسندٍ إليه وقوله: اَلَّذِيْ يَظُنُّ بِكَ الظَّنَّ إلى آخره وصفٌ له كاشفٌ عن معناه كما حُكِي عن الأصمعيّ[4] أنه سُئل عن الألمعيّ فأنشد هذا البيت ولم يزد عليه, ومثلُه[5] في النكرة قولُه تعالى:


 



[1] قوله: [أَيَّتُهَا النَّفْسُ إلخ] خطاب لنفسه, والإجمال التحسين, والجزَع ضدّ الصبر, والحذْر الخوف, والسماحة الكرم, والنَجدة الشَجاعة, والبِرّ خلاف العقوق, والتُقى خوف الله تعالى, والجُمَع جمع جمعاء تأنيث أجمع, وهو منصوب على التوكيد للسماحة وأخواتها, والألمعيّ المتوقِّدُ الفهمِ.

[2] قوله: [الألمعيّ واليلمعيّ إلخ] إشارةٌ إلى ترادفهما. قوله وهو إلخ أي: والألمعيّ في البيت إلخ, وهذا بيان الاحتمالين في إعراب الألمعيّ والغرض منه التفريع عليه بقوله فالألمعيّ ليس بمسند إليه. قوله خبر إِنَّ أي: التي في قوله إِنَّ الَّذِيْ جَمَعَ إلخ. قوله صفة لاسم إنّ وهو الَّذِيْ جَمَعَ إلخ.

[3] قوله: [وخبر إنّ إلخ] أي: وخبرُ إنّ على الاحتمالَين المذكورَين في وجه النصب جملةُ أَوْدَى أي: هَلَك, والإشاحة الحذر من أمر كائن ألبتّة كالموت, وقَدْ للتحقيق, والبِدَع جمع البدعة وهي الأمر الغريب, والمعنى: أنه لا ينفع قاصدَ العظائم وطالبَ الأمور الغريبة الحذرُ من أمر كائن لا محالة أي: الموت. قوله فالألمعيّ إلخ تفريعٌ على بيان إعراب الألمعيّ في البيت وتطبيقٌ للمثال بالممثَّل له.

[4] قوله: [كما حكي عن الأصمعيّ إلخ] استشهاد على أنّ وصفَ الألمعيّ المذكورَ في البيت وصف كاشف عن معناه. قوله عن الألمعيّ أي: عن معناه. قوله ولم يزد عليه فعلم أنّ معناه هو المذكور ولا حاجة في بيان معناه إلى زيادة شيء عليه, ولا يخفى أنّ الأصمعيّ إنّما أراد جعلَ الموصول والصلة خبراً للألمعيّ ليفيد السائل وإن كان في البيت وصفاً له, فلا يرد عدم صحّة التمثيلِ به أو الجوابِ فافهم.

[5] قوله: [ومثله إلخ] بيانٌ لمثال آخر للوصف الكاشف, وإنّما فصله عمّا قبله بأن قال ومثلُه إلخ ولم يقل ونحو قوله إلخ لأنّ جزوعاً ومنوعاً لا يتعيّنان لأن يكونا وصفَين لـهلوعاً بل يجوز أن يكونا حالَين, وعلى التقديرَين هما بمنزلة الكاشف لـهلوعاً, والظرفان متعلِّقان بهما.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400