يقال[1] كلام بليغ و رجل بليغ ولم يُسمع كلمة بليغة , وقوله فقط من أسماء الأفعال[2] بمعنى انته وكثيراً مّا يصدّر بالفاء تزييناً للفظ وكأنه جزاء شرطٍ محذوفٍ أي: إذا وصفت بها الأخيرين فقط أي: فانته عن وصف الأوّل بها, واعلَم أنه[3] لما كانت الفصاحة عندهم تُقال لكون اللفظ جارياً على القوانين المستنبَطة من استقراء كلامهم كثيرَ الاستعمال على ألسنة العرب الموثوق بعربيّتهم, وقد علموا بالاستقراء أنّ الألفاظَ الكثيرةَ الدورِ[4] فيما بينهم هي التي تكون جارية على اللسان سالمة من تنافُر الحروف
[1] قوله: [يقال إلخ] استشهاد على وصف الكلام والمتكلِّم بالبلاغة دون المفرد, وفيه أنه إن أُدخِل المركَّب الناقص في المفرد كما هو رأي الشارح فلا يتمّ الاستشهاد لأنه لا يلزم من عدم اتّصاف الكلمة بالبلاغة عدم اتّصاف المركَّب الناقص بها إلاّ أن يراد بالكلمة أعمّ من الحقيقيّ والحكميّ فيشمل الكلمةُ المركَّب الناقص, وإن أُدخِل في الكلام بأن يُراد به المركّب مطلقاً مجازاً من إطلاق الخاصّ على العامّ بقرينة مقابلته بالمفرد كما هو رأي السيِّد الشريف فلا إشكال.
[2] قوله: [من أسماء الأفعال إلخ] فيه تسامح إذ من أسماء الأفعال قط فقط وقوله وكثيراً مّا إلخ إشارة إلى أنّ اسم الفعل إنّما هو قط وأنّ تصديره بالفاء لتزيين اللفظ مع الدلالة على الشرط المحذوف فتكون الفاء فصيحة وهي التي تدلّ على ربط مدخولها بمحذوف.
[3] قوله: [واعلَم أنه إلخ] بيانٌ لوجه جزم المصـ الآتي, ولوجه تسامحه في تفسيره الفصاحة بالخلوص. قوله عندهم تقال إلخ يعني أنّ الفصاحة عندهم تقال لِما علامتُه كونُ اللفظ جارياً إلخ؛ لأنّ الفصاحة هي كون اللفظ عربيًّا أصليًّا, وأمّا كونُ اللفظ جارياً على القوانين الصرفيّة والنحويّة وكونُه كثيرَ الاستعمال على ألسنة العرب العرباء فإنّما هو علامة ذلك كما في "المفتاح" و"الإيضاح". قوله لكون اللفظ كلمة كان اللفظ أو كلاماً. قوله على القوانين أي: القوانين الصرفيّة والنحويّة.
[4] قوله: [أنّ الألفاظَ الكثيرةَ الدورِ] أي: أنّ الألفاظَ الكثيرَ دورُها, فإضافة الكثير إلى الدور لفظيّة ولذا صحّ دخول اللام على المضاف. قوله هي التي إلخ أي: هي الألفاظ التي إلخ, والألفاظ تعمّ المفردات والمركَّبات, فالسلامة من تنافر الحروف والغرابة راجعة إلى الألفاظ المفردات والسلامة من تنافر الكلمات والتعقيد اللفظيّ والمعنويّ راجعة إلى الألفاظ المركَّبات.