المقروّ والصفة القديمة كما زعم ذلك بعض من غلبت عليه اصطلاحات الفلاسفة والمعتزلة فتكلّم في كلام الله تعالى بما أدّى إليه عقله وخالف إجماع السَّلف الصالحين رضي الله تعالى عنهم على أنّ كلام الله تعالى واحد لا تعدّد له بحال وهو عندنا وهو عنده تعالى وليس الذي عندنا غير الذي عنده ولا الذي عنده غير الذي عندنا بل هو صفة واحدة قديمة موجودة عنده تعالى بغير آلة لوجودها وموجودة أيضاً عندنا بعينها لكن بسبب آلة هي نطقنا وكتابتنا وحفظنا فمتى نطقنا بهذه الحروف القرآنية وكتبناها وحفظناها كانت تلك الصفة القديمة القائمة بذات الله تعالى التي هي عنده تعالى هي عندنا أيضاً بعينها من غير أن تتغيّر من أنّها عنده تعالى ولا انفصلت عنه تعالى ولا اتّصلت بنا وإنّما هي على ما عليه قبل نطقنا وكتابتنا وحفظنا إلى آخر ما أطال وأطاب عليه رحمة الملك الوهاب.
وقال قدِّس سرّه في النوع الأوّل من الفصل الأوّل من الباب الأوّل من "الحديقة الندية"[1]: إذا علمت هذا ظهر لك فساد قول من قال: إنّ كلام الله تعالى مقول بالاشتراك الوضعيّ على معنين: الصفة القديمة والمؤلَّف من الحروف والكلمات الحادثة فإنّه قول يؤول إلى اعتقاد الشرك في صفات الله تعالى وإشارة النبيّ صلّى الله تعالى عليه وسلَّم هنا في هذا الحديث -أي: حديث إنّ هذا القرآن طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم رواه ابن أبي