[الحروف بمعنى الأصوات المتقطعة حادثة]
والحقّ أنّ الحروف بمعنى الأصوات المتقطعة حادثة قطعاً أمّا أنّ في الكلام الأزلي حروفاً لا من جنس الحروف والأصوات وهي لا تعاقب فيها ولا ترتّب ولا تقضي ولا انصرام فذلك شيء لا علم لنا به ونستجير بربّنا أن نقول على الله ما لا نعلم وهذا هو الخوض في كنه الصفات الكريمة. وما لنا وله وقد نهينا عنه فالنقل الذي في "فواتح الرحموت"[1] عن العلامة العضد أسدّ وأجود ممّا نقله عنه السيد.
[مذهب أئمّة السلف في كلام اللّٰه تعالى]
وإنّما قصدنا هاهنا ثلاثة أشياء: الأوّل: أنّ لله تعالى كلاماً قديماً قائماً بذاته لا هو ولا غيره هو متكلّم به أزلاً وأبداً كما هو في علمه فإن سئلنا عن كيف. قلنا: لا ندري ولا نزيد وغير هذا لا نريد وهذا ما خالفنا فيه إلاّ القوم الضالون كالمعتزلة[2].
[1] "فواتح الرحموت"، الكلام على الأصول الأربعة، ٢/٦-٧: لعبد العلى محمد بن نظام الدين محمد الأنصاري الهندي, اللكنوي، بحر العلوم، (ت١٢٢٥ﻫ. ("إيضاح المكنون", ٢/٤٨١، "الأعلام"، ٧/٧١.
[2] المعتزلة: هم عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء الغَزّال وأصحابهما, سمّوا بذالك لما اعتزلوا الجماعة بعد موت الحسن البصري رحمه الله, في أوائل المائة الثانية, وبنى مذهبهم علي الأصول الخمسة الّتي سمّوها: العدل, والتوحيد, وإنفاذ الوعيد, والمنزلة بين المنزلتين, والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولبَّسوا فيها الحق بالباطل, فأمّا العدل: فستروا تحته نفي القدر, وأمّا التوحيد: فستروا تحت القول بخلق القران, وأمّا الوعيد: فقالوا: إذا أوعد بعض عبيده وعيداً فلا يجوز أن لا يعذّبهم ويخلف وعيده, وأمّا المنزلة بين المنزلتين: فعندهم أنّ من ارتكب كبيرة يخرج من الإيمان ولا يدخل في الكفر, وأمّا الأمر بالمعروف: فهو أنّهم قالوا: علينا أن نأمر غيرنا بما أمرنا به, وأن نلزمه بما يلزمنا, وضمنوه أنّه يجوز الخروج علي الأئمّة بالقتال إذا جاروا.
("شرح العقيدة الطحاوية"، من الفرق الضالة: المعتزلة, صــ٥٢١-٥٢٢، ملتقطاً