الثاني: أنّ ذواتنا وصفاتنا وأفعالنا وأصواتنا وحروفنا وكلماتنا كلّها حادثة لم تشمّ رائحة القِدَم وهذا لم يخالفنا فيه إلاّ عدة مجانين من جهلة الحنابلة من المتأخّرين.
الثالث: أنّ الذي قرأناه بلساننا وسمعناه بآذاننا ووعيناه في صدورنا وكتبناه في سطورنا هو القرآن الكريم القديم القائم بربّنا والنازل على نبيّنا صلّى الله تعالى عليه وسلَّم، كلّ ذلك حقيقة حقاً بلا مجازِ مجازٍ ولا تعدّد ولا تنوع ولا اشتراك.[1]
حدثت المجالي وتعالى عن الحدوث المتجلّي, هذا هو مذهب أئمّتنا السلف الصالحين وما خالفنا فيه منّا إلاّ أحداث المتكلّمين إذ أوردت عليهم المعتزلة أدلّة الحدوث كقوله تعالى: ﴿ مَا يَأۡتِيهِم مِّن ذِكۡرٖ مِّن رَّبِّهِم مُّحۡدَثٍ إِلَّا ٱسۡتَمَعُوهُ وَهُمۡ يَلۡعَبُونَ ﴾ [الأنبياء: ٢] إلى غير ذلك ممّا هو مبسوط في كتب الكلام.
ولم ينقدح في أذهانهم فرق التجلّي والمتجلّي فاضطرّوا إلى ركوب الأسنّة وخلاف الأئمّة وأن يجعلوا لله كلاماً حادثاً كحديث الخلائق هو كلامه حقيقة أو مجازاً متعارفاً تعارف الحقائق. فخرقوا للواحد الأحد عزّ جلاله كلامَين؛ ليبقوا بأحدهما تنزيهه تعالى أن تكون له صفة حديثة ويتخلّصوا بالآخر عن مضيق ألجأتهم إليه الطوائف الخبيثة.
[1] سقط هنا من الأصل نحو ثلاث كلمات. ١٢ محمد أحمد المصباحي
لعلّ العبارة هكذا: (ولا تنوع ولا اشتراك بين الكلام اللفظيّ والنفسيّ.