وأخرى زعمت أنّ هناك عدة أشخاص يسمّون جبريل يطلق على كلّ منهم جبريل بالاشتراك اللفظي أو المعنويّ أو الحقيقة والمجاز المشهور أحدهم ملك رسول وثانيهم جمل صؤول وثالثهم أعرابي سؤول ورابعهم رجل حمول§ وثلاثتهم جميعاً على الأوّل دليل يتذكر من رآهم الملك الجليل، وهؤلاء هم أولائك الأحداث من متكلمي أهل السنّة المبجلة، قالوا: إنّ لله كلامين: قديماً وحادثاً يدلّ عليه دلالة مشكلة وعلى كليهما يطلق القرآن بأحد الوجوه الثلاثة المفصلة وأقوالهم جميعاً كما ترى يمجها العقل السليم بلا مراء.

وهدى الله طائفة فعلموا أن ليس هنا جبريلان ولا مزيد إنّما هو جبريل واحد يتطوّر كيف يشاء ويتصوّر كيف يريد ولا يحدث بحدوث التطوّرات ولا يتغيّر بتغيّر الكسوات فالصائل على العدوّ في صورة فحل والسائل عن الإيمان في صورة غريب، والآتي بالوحي في صورة دِحية لم يكن إلاّ جبريل نفسه يقيناً وقطعاً بتّاً وجدعاً لا شيء آخر يدلّ عليه أو يشير إليه وتلك الصور تحدث شيئاً فشيئاً لا وجود لها مذ وجد جبريل ولا بتبدّلها فيه تبديل ولا بتعدّدها له تعدّد ولا بتجدّدها له تجدّد.

وهذا كما ترى هو الحق الناصح والصدق الساطع لا يميل العقل السليم