وجهه مرة ويكشفه أخرى فذكرت ذلك لمجاهد فقال بلغنا أن نفس المؤمن لا تخرج حتى يعرض عليه عمله خيره وشره.
وأخرج البزار والطبراني في الكبير عن سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأنصار وهو في الموت فقال ما تجد قال أجدني بخير وقد حضرني إثنان أحدهما أسود والآخر أبيض قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أقرب منك قال الأسود قال إن الخير قليل والشر كثير قال فمتعني منك يا رسول الله بدعوة فقال اللهم إغفر الكثير وأنم القليل ثم قال ما ترى قال خيرا بأبي أنت وأمي أرى الخير ينمو وأرى الشر يضمحل وقد إستأخر عني الأسود قال أي عملك أملك بك قال كنت أسقي الماء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أعلم ما يلقى ما منه عرق إلا وهو يألم بالموت على حدته.
وأخرج إبن أبي الدنيا عن وهيب بن الورد قال بلغنا ما من ميت يموت حتى يتراءى له ملكان اللذان كانا يحفظان عليه عمله في الدنيا فإن كان صحبهما بطاعة الله قالا جزاك الله عنا من جليس خيرا فرب مجلس صدق قد أجلستناه وعمل صالح قد أحضرتناه وكلام حسن قد أسمعتناه فجزاك الله عنا من جليس خيرا وإن كان صحبهما بغير ذلك مما ليس لله فيه رضى قلبا عليه الثناء فقالا لا جزاك الله عنا من جليس خيرا فرب مجلس سوء قد أجلستناه وعمل غير صالح قد أحضرتناه وكلام قبيح قد أسمعتناه فلا جزاك الله عنا من جليس خيرا قال فذلك شخوص بصر الميت إليهما ولا يرجع إلى الدنيا أبدا.
وأخرج عن سفيان قال بلغني أن العبد المؤمن إذا أحتضر قال ملكاه اللذان كانا معه يحفظانه أيام حياته عند رنة أهله دعونا فلنثن على صاحبنا بما علمنا منه فيقولان رحمك الله وجزاك الله من صاحب خيرا إن كنت لسريعا إلى طاعة الله بطيئا عن معصية الله وإن كنت لممن نأمن غيبك فنعرج فلا تشغلنا عن الذكر مع الملائكة وإذا أحتضر العبد[1].