عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

أوصافاً للمعاني لما فهم أنها صفات للمعاني الأُوَل المفهومة أعني الزيادات[1] والكيفيّات والخصوصيّات, فجعلوا كالمُواضَعة[2] فيما بينهم أن يقولوا اللفظ وهم يريدون الصورةَ التي حدثت في المعنى والخاصيّةَ التي تجددّت فيه, وقولنا صورة [3] تمثيل وقياس لما نُدرِكه بعقولنا على ما نُدرِكه بأبصارنا فكما أنّ تبيّن إنسان من إنسان يكون بخصوصيّة توجد في هذا دون ذلك كذلك يوجد بين المعنى في بيت وبينه في بيت آخر فرق فعبّرنا عن ذلك الفرق بأن قلنا للمعنى في هذا صورة غير صورته في ذلك, وليس هذا من مبتدَعاتنا[4]


 



[1] قوله: [أعني الزيادات إلخ] قد سبق نكتة تفسير المعاني الأوَل بالزيادات تحت قوله على معناه اللغَويّ.

[2] قوله: [فجعلوا كالمُواضَعة إلخ] المُواضَعة المُوافَقة على شيء, وهذا نتيجة لما سبق, والمراد بالمعنى أصل المعنى الذي لا يتغيّر بتغيّر العبارات, والمراد بالصورةِ الحادثة والخاصيّةِ المتجدِّدة فيه المعنى الأوّل الذي هو محلّ لفضيلة الكلام وهو أصل المعنى المصوَّر بالصورة المخصوصة التي يدلّ بها على المعنى الثاني, ومن هنا عُلِم أنّ المعاني ثلاثة الأوّل أصل المعنى والثاني المعنى الأوّل والثالث المعنى الثاني.

[3] قوله: [وقولنا صورة إلخ] دفع لما يرد من أنّ الخصوصيّة أي: المعنى الأوّل مدرَكة بالعقل والصورةَ مدرَكة بالبصر فكيف يصحّ إطلاق الصورة على الخصوصيّة, وحاصل الدفع أنّ إطلاق الصورة على الخصوصيّة الحاصلة للمعنى بطريق التمثيل والتشبيه بأن شبِّه المعنى بإنسان في الاشتمال على ما به الامتياز وهو في المشبَّه الخصوصيّة وفي المشبَّه به الصورة, ويعقب ذلك التشبيهَ تشبيهٌ آخرُ وهو تشبيه الخصوصيّة بالصورة في كون كلٍّ منهما ما به الامتياز.

[4] قوله: [وليس هذا من مبتدَعاتنا إلخ] أي: وإطلاقنا الصورةَ على ما ليس بصورة بطريق قِياسِ المعقول على المحسوس ليس من إيجاداتنا واختراعاتنا بل هذا مشهور في كلام أهل الفنون العربيّة. قوله وكفاك قول الجاحظ لأنه من أيمّة اللغة. قوله وضرب من التصوير أي: قسم من جعل الشيء ذا صورة, فكما أنّ الصائغ يصوغ الحلي المختلفة من الذهب وغيره كذلك الشاعر يُصوِّر المعنى الواحد بصور مختلفة.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400