فإن قلتَ[1]: قد يُفسَّر مرجِع البلاغة بالعلّةِ الغائيّة لها والغرَضِ منها فهل له وجه؟ قلتُ: لا[2] بل هو فاسد لأنه إن أريد بالبلاغة بلاغة الكلام على ما صرّح به المصنّف يؤول المعنى[3] إلى أنّ الغرض من كون الكلام مطابقاً لمقتضى الحال فصيحاً هو الاحترازُ عن الخطأ في أداء المقصود وتمييزُ الكلام الفصيح من غيره وفساده واضح, وكذا إن حمل[4] كلامه
[1] قوله: [فإن قلت إلخ] سؤال استفساريّ. قوله قد يُفسَّر إلخ أي: يقال إنّ المراد بمرجع البلاغة في قول المصـ: وأنّ البلاغة مرجِعها إلخ العلّةُ الغائيّة للبلاغة. قوله والغرضِ منها عطف تفسير.
[2] قوله: [قلت لا] أي: قلت في جوابه لا وجه لتفسيره بهما. قوله بل هو فاسد ترقّ من عدم الوجه للتفسير المذكور إلى فساده. قوله لأنه إلخ تعليل للفساد. قوله إن أريد بالبلاغة أي: في عبارته المذكورة. قوله على ما صرّح به المصنِّف لأنه قيّد البلاغة في هذه العبارة في "الإيضاح" بقوله في الكلام فهذا تصريح بأنّ المراد بالبلاغة هنا البلاغة في الكلام.
[3] قوله: [يؤول المعنى إلخ] أي: إذا فسِّر مرجع البلاغة بالغرض منها وأريد بالبلاغة بلاغة الكلام التي هي عبارة عن كون الكلام مطابقاً لمقتضى الحال فصيحاً يصير معنى عبارة المصـ: أنّ الغرض إلخ. قوله وفساده واضح وذلك لأنّ غرض الشيء يكون مؤخَّراً عنه والاحترازُ والتمييزُ المذكوران مقدَّمان على البلاغة لتوقّفها عليهما, ولأنّ الاحتراز أو التمييز إنّما يصلح غرضاً للعلم بشيء أو الفعل فيجوز أن يقال مثلاً غرض علم المعاني الاحتراز عن الخطأ في تأدية المعنى المراد وأمّا كونه غرضاً للمطابقة التي ليست بعلم ولا فعل فلا معنى له, ولأنّ الاحتراز والتمييز كلاهما فعل المتكلِّم فجَعلُهما غرضاً لكون الكلام مطابقاً الذي هو صفة الكلام لا معنى له.
[4] قوله: [وكذا إن حُمِل إلخ] أي: وكذا فساد هذا التفسير واضح إن حُمِل إلخ. قوله وأريد بها بلاغة المتكلِّم تفسير لحمل كلام المصـ على خلاف تصريحه. قوله لأنّ غاية إلخ تعليل لفساد التفسير على هذا التقدير, وحاصله أنّه لا يعلم ممّا تقدّم من تعريف بلاغة الكلام أنّ غرضَ بلاغة المتكلِّم وغايتَها هو الاحتراز والتمييز المذكوران فلا يصحّ تفريعه بقوله فعُلِم إلخ على ما تقدّم لأنّ شرط صحّة التفريع أن يكون المتفرَّع عليه بحيث يعلم منه المتفرِّع.