السماء والأرض و لقيت رجلاً سلّم عليك اليوم وحده قبل كلّ أحد لكنه لا يكون في قوّة تخصيص المعرفة لأنه وضعيّ بخلاف تخصيص النكرة, ثُمّ التعريف[1] يكون على وجوهٍ متفاوتةٍ يتعلّق بها أغراض مختلفة أشار إليها بقوله: (فبالإضمار لأنّ المقام للتكلّم أو الخطاب أو الغيبة) وقدّم المُضمَر لكونه أعرف المعارف (وأصل الخطاب أن يكون لمعيّن) واحداً كان أو كثيراً[2] لأنّ وضع المعارف على أن تُستعمَل لمعيّن مع أنّ الخطاب هو توجيه الكلام إلى حاضر فيكون معيّناً (وقد يُترَك) أي: الخطاب مع معيّن[3] (إلى غيره) أي: إلى غير المعيّن (ليعمّ) الخطاب (كلَّ مخاطب) على سبيل البدل[4] (نحو: ﴿وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمۡ عِندَ رَبِّهِمۡ﴾ [السجدة:١٢]) لا يريد بالخطاب مُخاطَباً معيَّناً[5] قصداً إلى تفظيع
[1] قوله: [ثمّ التعريف إلخ] إشارةٌ إلى أنّ الفاء في قوله فبالإضمار إلخ لعطف المُفصَّل على المُجمَل.
[2] قوله: [واحداً كان أو كثيراً] أي: فالواجب بحكم الوضع أن يكون الخطاب لواحد معيَّن بصيغة الواحد ولاثنين معيَّنين بصيغة التثنية ولجماعة معيَّنة أو للجمع على سبيل الشمول بصيغة الجمع كما في قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ ٱعۡبُدُواْ رَبَّكُمُ﴾ [البقرة:٢١] وفي قوله عليه الصلاة والسلام: ((كلّكم راع وكلّكم مسئول عن رعيّته)) فإنّ الشمول الاستغراقي من قبيل التعيين. قوله لأنّ وضع إلخ تعليل لكون أصل الخطاب كونه لمعيّن, وهذا دليل عامّ يشمل سائر المعارف, وقوله مع أنّ الخطاب إلخ دليل خاصّ.
[3] قوله: [أي: الخطاب مع معيَّن] أرجع الشارح ضمير يُترَك إلى الخطاب مع معيَّن رعايةً لقرب المرجع وليوافق قولَه ليعمّ, ويحتمل أن يرجع إلى الأصل أي: وقد يُترَك الأصل ذهاباً إلى غيره.
[4] قوله: [على سبيل البدل] هذا إذا كان ضمير المخاطب واحداً أو مثنّى كما في الآية فإنّ الضمير فيها واحد, وأمّا إذا كان جمعاً فالعموم يكون على سبيل الشمول كما مرّ آنفاً.
[5] قوله: [لا يريد بالخطاب مُخاطَباً معيَّناً] إشارة إلى تطبيق المثال بالممثَّل له. قوله قصداً إلخ مفعول له لما تضمّنه معنى لا يريد أي: ترك الخطاب مع معيَّن إلى غير معيَّن قصداً إلى بيان فظاعة حالِهم الشديدةِ الشناعةِ, يقال: فظُع الأمر أي: اشتدّ شناعته.