عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

حال المجرمين (أي: تناهت حالُهم) الفظيعةُ[1] (في الظهور) وبلغت النهايةَ في الانكشاف لأهل المحشر إلى حيث يمتنع خَفاؤها فلا يختصّ بها رؤية راءٍ دون راءٍ, وإذا كان كذلك (فلا يختصّ به) أي: بهذا الخطاب (مخاطب) دون مخاطبٍ بل كلّ من يتأتّى منه الرؤية فله مدخل في هذا الخطاب, وفي بعض النُسَخ[2]: فلا يختصّ بها أي: برؤية حالهم مخاطب أو بحالهم رؤية مخاطب على حذف المضاف, قال في "الإيضاح"[3]: وقد يترك إلى غير معيّن نحو: فلان لئيم إن أكرمتَه أهانك وإن أحسنتَ إليه أساء إليك فلا تريد مخاطباً بعينه بل تريد إن أُكرِمَ إليه أو أُحسِنَ إليه, فتُخرِجه في صورة الخطاب ليفيد العموم, وهو في القرآن كثير نحو: ﴿ وَلَوۡ تَرَىٰٓ إِذِ ٱلۡمُجۡرِمُونَ ﴾ [السجدة:١٢] الآية, أخرج في صورة الخطاب لما أريد العموم, فقوله[4]: ليفيد العموم متعلّق بقوله: فلا تريد مخاطباً بعينه لا بقوله:


 



[1] قوله: [الفظيعةُ] أي: الشديدةُ الشناعةِ, والمراد به ما يطرأ عليهم في وقت نكس الرؤوس لأجل الخجالة والخوف من أهوال القيامة من رثاثةِ الهيئة واسودادِ الوجه وصفرتِه وغير ذلك التي هي في غاية الشناعة, وجزاءُ لَوْ محذوف أي: لرأيتَ أمراً فظيعاً. قوله وبلغت النهايةَ إلخ تفسيرٌ لتناهي حالهم في الظهور.

[2] قوله: [وفي بعض النُسَخ إلخ] بيانٌ لاختلاف النُسَخ. قوله أي: برؤية إلخ إشارة إلى أنّ ضمير بها يرجع إلى حالهم وتكون العبارة بحذف المضاف قبل الضمير أو قبل مخاطب, وعلى هذا نبَّه بقوله على حذف المضاف, وإنّما احتيج إلى تقدير المضاف لأنّ حالتهم ليست وصفاً قائماً بمخاطب حتّى يصحّ اختصاصه بها بخلاف الرؤية فإنها وصف قائم به فيصحّ اختصاصه بها.

[3] قوله: [قال في "الإيضاح" إلخ] مقصود الشارح من نقل كلام "الإيضاح" إصلاحُه والدفعُ لما يتوهّم من ظاهر عبارته كما سيجيء. قوله فلا تريد إلخ أي: فلا تريد بقولك أكرمتَ وأحسنتَ مخاطباً بعينه بل تريد كلَّ من يتأتّى منه إكرامه والإحسان إليه أي: إنه إن أُكْرِم أهان مَن أكرَمه وإن أُحْسِن إليه أساء إلى مَن أحسَن إليه. قوله فتُخرِجه إلخ أي: فتقول:  فلان لئيم إن أكرمتَه أهانك وإن أحسنتَ إليه أساء إليك, وسببُ إخراجك إيّاه في صورة الخطاب المبالغةُ في تأدية المقصود كأنك أحضرتَ كلَّ واحد ممّن يصلح أن يُخاطَب وخاطبتَه بذلك تشهيراً للومه وتنويهاً لسوء معاملته.

[4] قوله: [فقوله إلخ] شروع في إصلاحِ عبارة "الإيضاح" ودفعِ ما يتوهّم من ظاهر العبارة من أنّ قوله ليفيد العموم متعلِّق بقوله فتُخرِجه إلخ وأنّ قوله لما أريد العموم متعلِّق بقوله أخرج إلخ, وحاصل الدفع أنّ قوله ليفيد العموم يتعلَّق بقوله فلا تريد إلخ لأنّ المفيد للعموم هو عدم إرادة مخاطب بعينه لا بقوله فتُخرِجه إلخ لأنّ الإخراج في صورة الخطاب يُفيد الخصوصَ لا العموم فيلزم فساد المعنى وهو جعل ما يفيد الخصوص مفيداً للعموم, وقس عليه قوله وكذا قوله إلخ.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400