خَفاء في تميّز بعضها عن بعضٍ [1] إلاّ في تعريف الحقيقة [2] فإنّه إن قُصِد به الإشارة إلى الماهيّة من حيث هي هي لم يتميّز من أسماء الأجناس التي ليست فيها دلالة على البعضيّة والكليّة نحو رُجْعَى و ذِكْرَى و الرُّجْعَى و الذِّكْرَى , وإن قُصِد به الإشارة إليها باعتبار حضورها في الذهن لم يتميّز عن تعريف العهد, وهذا حاصل الإشكال الذي أورده صاحب "المفتاح" على هذا المقام, وجوابه أنا لا نُسلِّم [3] عدم تميّزه عن تعريف العهد على هذا التقدير لأنّ النظر في المعهود إلى فرد معيَّن أو اثنَين أو جماعة بخلاف الحقيقة فإنّ النظر فيها إلى نفس الماهيّةِ والمفهومِ باعتبار كونها حاضرة في الذهن, وهذا المعنى [4] غير معتبر
[1] قوله: [ولا خَفاء في تميّز بعضها عن بعضٍ] أي: في تميّز بعض الأشياء الثمانية المذكور عن بعضها, وقد عرفتَ فيما مرّ من الحواشي الفروق بينها.
[2] قوله: [إلاّ في تعريف الحقيقة إلخ] تصريح بالاعتراض الممهَّد له, وخلاصته أنه على القصد الأوّل لم يكن فرقٌ بين اسمِ الجنس المُعرَّفِ بلام الحقيقة وبين اسمِ الجنس المُنكَّرِ كـ½رُجْعَى¼ و½الرُّجْعَى¼ فإنّ كلّ واحد منهما للماهيّة من غير اعتبار حضورها في الذهن, وعلى الثاني لم يكن فرقٌ بينه وبين المعرَّف بلام العهد الخارجيّ لأنّ كلّ واحد منهما للإشارة إلى الحاضر في الذهن.
[3] قوله: [وجوابه أنا لا نُسلِّم إلخ] حاصل الجواب اختيار الشقّ الثاني ومنع عدم الفرق يعني أنا نقصد باسم الجنس المعرَّف بلام الحقيقة الإشارةَ إلى الماهيّة باعتبار حضورها في الذهن ولا نُسلِّم على هذا التقدير عدم الفرق بينه وبين المعرَّف بلام العهد الخارجيّ لأنّ النظر في المعهود إلخ. قوله ½باعتبار كونها حاضرة في الذهن¼ أي: من غير اعتبار لما صدقت عليه من الأفراد.
[4] قوله: [وهذا المعنى إلخ] أي: كونُ الماهيّة حاضرة في الذهن غيرُ معتبر في اسم الجنس النكرة, وهذا بيانُ الفرق بين المعرفة والنكرة مع أنه بصدد بيان الفرق بين المعرفتين إشارةً إلى جواب سؤال مقدَّر وهو أنه إمّا أن يكون الحضور الذهنيّ معتبراً في اسم الجنس النكرة أو لا, فعلى الأوّل لا يكون فرقٌ بينه وبين المعرَّف بلام الحقيقة وعلى الثاني يلزم أن يكون الخطاب بالنكرة خطاباً بما لا يعلمه المخاطب, وحاصل الجواب أنا نختار الشقّ الثاني ولا نُسلِّم لزومَ ما ذكر لأنّ عدم اعتبار الشيء ليس باعتبار لعدمه فليس عدم اعتبار الحضور في النكرة اعتباراً لعدم الحضور فيها حتّى يلزم ما ذكر.