وتحقيقه [1] أنّ اللفظ إذا دلّ على الحقيقة باعتبار وجودها في الخارج [2] فإمّا أن يكون لجميع الأفراد أو لبعضها إذ لا واسطة بينهما في الخارج فإذا لم يكن للبعضيّة لعدَم دليلها وجب أن يكون للجميع, وإلى هذا ينظر [3] صاحب "الكشّاف" حيث يُطلِق لامَ الجنس على ما يُفيد الاستغراق كما ذكره في قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلۡإِنسَٰنَ لَفِي خُسۡرٍ﴾ [العصر:٢] أنه للجنس, وقال في قوله تعالى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُحۡسِنِينَ﴾ [البقرة:١٩٥] إنّ اللام للجنس فيتناول كلَّ مُحسِن, وكثيراً مّا يُطلِقه [4] على ما يُقصَد به المفهوم والحقيقة كما ذَكَر أنّ اللام في ﴿ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ﴾ للجنس دون الاستغراق,........................................
[1] قوله: [وتحقيقه إلخ] أي: وتحقيقُ أنّ المقصود باللام في الآية الماهيّةُ من حيث تحقّقها في ضمن جميع الأفراد أنّ اللفظ إلخ, ولمّا كان في دليل صحّة الاستثناء مَظِنّة الدور بأنّ العموم يتوقّف على صحّة الاستثناء وهي تتوقّف عليه سَلَك مسلكاً لا يكون فيه المَظِنّة فقال: وتحقيقه إلخ, وإن كان تلك المظنّة مندفعة بأنّ العموم لا يتوقّف على صحّة الاستثناء بل هي من أمارات العموم, وفي التحقيق إشارةٌ إلى تمييز مواقع لام الاستغراق عن مواقع لام العهد الذهنيّ, وإلى أنّ عدم صحّة البعضيّة كافٍ في صحّة الاستغراق.
[2] قوله: [باعتبار وجودها في الخارج] كما في الآية المذكورة فإنّ حقيقة الإنسان ليست من شأنها الاتّصاف بالخسران. قوله ½وجب أن يكون للجميع¼ دفعاً للترجيح بلا مرجِّح.
[3] قوله: [وإلى هذا ينظر إلخ] أي: وإلى كون المقصود الحقيقةَ من حيث تحقّقها في ضمن جميع الأفراد يميل إلخ. قوله ½ما يفيد الاستغراق¼ أي: لام تفيد الاستغراق. قوله ½أنه للجنس¼ فمراده أنّ اللام في ½الإنسان¼ للجنس في ضمن جميع الأفراد فيتناول كلّ إنسان. قوله ½إنّ اللام للجنس¼ أي: اللام في ½المحسنين¼ للجنس في ضمن جميع الأفراد فيتناول كلّ محسن.
[4] قوله: [وكثيراً مّا يُطلِقه إلخ] أي: وكثيراً مّا يُطلِق صاحب "الكشّاف" لامَ الجنس على لام يُقصَد بها نفس الحقيقة من غير نظر إلى ما صدقت عليه من الأفراد, والحاصل أنّ مطلق لام الجنس على ثلاثة أقسام: لام الاستغراق ولام العهد الذهنيّ ولام الحقيقة فهو قد يُطلِق لامَ الجنس على لام الاستغراق وكثيراً مّا يُطلِقها على لام الحقيقة كما ذَكَر أنّ اللام في ½الحمد لله¼ للجنس, فأَطلَق هنا لامَ الجنس على لامِ الحقيقة دون المقسَم فإنه شامل للاستغراق فلا يصحّ نفيه بقوله ½دون الاستغراق¼.