عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

الضرب , ومن تنكير[1] غير المسند إليه للنكارةِ وعدمِ التعيين قولُه تعالى: ﴿أَوِ ٱطۡرَحُوهُ أَرۡضٗا [يوسف:٩] أي: أرضاً منكورة مجهولة بعيدة عن العُمْران, وللتقليل قولُه[2]: فَيَوْماً بِخَيْلٍ تَطْرُدُ الرُّوْمَ عَنْهُمْ * وَيَوْماً بِجُوْدٍ تَطْرُدُ الْفَقْرَ وَالْجَدْبَا, أي: بعددٍ نَزْر[3] من خُيولِك وفُرْسانِك وشيءٍ يسير من فَيضان جودك وعطائك, واعلم أنه[4] كما أنّ التنكير وهو في معنى البعضيّة يفيد التعظيم فكذلك إذا صرّح بالبعض كقوله تعالى: ﴿وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ فَوۡقَ بَعۡضٖ دَرَجَٰتٖ[الزخرف:٣٢] أراد[5] محمّداً صلّى الله عليه وسلّم ففي هذا الإبهام من تفخيم فضله وإعلاء


 



[1] قوله: [ومن تنكير إلخ] بيانٌ لمزيد نكاتٍ لتنكير غير المسند إليه. قوله وعدمِ التعيين عطف تفسيريّ للنكارة. قوله قوله تعالى أي: حكايةً عن قول إخوة يوسف على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام. قوله أي: أرضاً منكورة فتنكير أرضاً للنكارة. قوله مجهولة أي: غيرَ معيَّنة, مرادف لـمنكورة. قوله بعيدة عن العُمْران أي: عن البنيان وعمّا يُعمَر به البلد.

[2] قوله: [وللتقليل قولُه إلخ] أي: ومن تنكير غير المسند إليه للتقليل قولُ المتنبّي في مدح سيف الدولة: فَيَوْماً إلخ, الفاء للتفصيل, والظروف الثلاثة أعني يَوْمًا وبِخَيْلٍ وعَنْهُمْ تتعلّق بـتَطْرُدُ, والظرفان أعني يَوْماً الثاني وبِجُوْدٍ متعلِّقان بـتَطْرُدُ الثاني, والْجَدْب ضدّ الخصب, والشاهد في خَيْلٍ وجُوْدٍ فإنه نكّرهما للتقليل أي: يوماً تطرُد الروم عن رعاياك بقليل من خيلك إذ واحد منهم يغلب كثيراً من غيرهم ويوماً تطرد الفقر والجدب عنهم بجود يسير من كرمك لأنّ قليلك أكثر من كثير غيرك.

[3] قوله: [بعددٍ نَزْر إلخ] أي: بعدد قليل إلخ, وهذا ناظر إلى كون تنكير خَيْلٍ للتقليل. قوله وشيءٍ يسير إلخ أي: وبشيء يسير إلخ, وهذا ناظر إلى كون تنكير جُوْدٍ للتقليل.

[4] قوله: [واعلم أنه إلخ] تفصيلٌ للمقام بأنّ التنكير الذي بمعنى البعضيّة لكون المنكَّر لفرد منتشر مفيدٌ للتعظيم كذلك صريح لفظ البعض قد يفيد التعظيم كما في قوله تعالى: ﴿ وَرَفَعۡنَا بَعۡضَهُمۡ الآية.

[5] قوله: [أراد إلخ] أي: الله عزّ وجلّ أراد بالبعض الأوّل رسولنا الكريم عليه الصلاة والتسليم. قوله ففي هذا الإبهام أي: ففي التعبيرِ عنه عليه السلام بالبعض وعدمِ التصريح باسمه الشريف. قوله من تفخيم فضله وإعلاء قدره بيانٌ مقدَّم لقوله ما لا يخفى, وذلك لأنّ إبهامه يدلّ على أنّ المُعبَّر عنه أعظم في رفعته وأجلّ من أن يُعرَف حتّى يُصرَّح به.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400