عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

على مثل هذا التركيب وهو أنّ المستثنى المُفرَّغ يجب أن يُستثنَى من متعدِّد مُستغرِق حتّى يدخلَ فيه المستثنى بيقين فيخرجَ بالاستثناء وليس مصدر نظنّ محتمِلاً غيرَ الظنّ مع الظنّ حتّى يخرج الظنّ من بينه, وحينئذٍ[1] لا حاجة إلى ما ذكره بعض النحاة من أنه محمول على التقديم والتأخير أي: إن نحن إلاّ نظنّ ظنًّا , ومثله قوله: وَمَا اغْتَرَّهُ الشَيْبُ إِلاَّ اغْتِرَاراً أي: ما اغترّه إلاّ الشيب اغتراراً, ولا إلى ما ذكره بعضهم[2] من أنّ قولك: ما ضربتُ زيداً إلاّ ضرباً مثلاً يحتمل من حيث توهّم المخاطب أن تكون قد فعلتَ غير الضرب ممّا يجري مجراه كالتهديد والشروع في مقدّماته فبهذا الاحتمال يصير المستثنى منه كالمتعدِّد الشامل للضرب وغيره من حيث الوهم فكأنك قلتَ: ما فعلتُ شيئاً غير


 



[1] قوله: [وحينئذٍ إلخ] أي: وحين إذ حمل تنكير المفعول المطلق الواقع بعد إلاّ على ما يُفيد التنوّع لم يكن حاجة في حلِّ الإشكال الوارد عليه ودفعِه إلى ما ذكره ابن يعيش من أنّ قوله تعالى: ﴿إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّٗا محمول على التقديم والتأخير والتقدير: إن نحن إلاّ نظنّ ظنًّا أي: إنْ نحن على حالة من الحالات إلاّ على حالةِ أنا نظنّ ظنًّا. قوله ومثله قوله إلخ هذا من قول ذلك البعض أي: ومثلُ هذا القول قولُ الشاعر: وَمَا اغْتَرَّهُ إلخ في كونه محمولاً على التقديم والتأخير والتقدير: وما اغترّه إلاّ الشيب اغتراراً, ومَا فيه نافية, واغْتَرَّ أي: أَخَذه على غِرّةٍ وغفلةٍ, والشَّيْبُ فاعله, واغْتِرَاراً استثناء مُفرَّغ وتنكيره يكون محمولاً على التعظيم على ما ذكره الشارح.

[2] قوله: [ولا إلى ما ذكره بعضهم إلخ] أي: ولا حاجة أيضاً في حلّ الإشكال الوارد عليه إلى ما ذكره "الرضي" من أنّ قولك إلخ, حاصله أنّ ضربتُ مثلاً في قولك هذا يحتمل باعتبار توهّم المخاطَب الضربَ وما يجري مجراه كالتهديد فبهذا الاحتمال المتوهَّم يصير المستثنى منه متعدِّداً شاملاً للضرب وغيره باعتبار الوهم فيصحّ الاستثناء, وفيه أنّ الاستثناء لا بدّ فيه من شمول المستثنى منه للمستثنى وغيرِه بيقين ولا يكفي فيه الاحتمال المحقَّق فضلاً عن الاحتمال المتوهَّم.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400