عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

وبعضُهم[1] أنه مسند إليه تقديراً إذ التقدير: كلُّ دابّةٍ خلقها الله من ماء أو ماءٌ مخصوصٌ خلق الله كلَّ دابة منه وتعسّفُه ظاهرٌ, بل قصد صاحب "المفتاح" إلى أنه مثال لكون المقام للإفراد شخصاً أو نوعاً لا لتنكير المسند إليه, وهذا في كتابه كثير فليتنبّه له (وللتعظيم نحو: ﴿فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ[2] [البقرة:٢٧٩] وللتحقير نحو: ﴿إِن نَّظُنُّ إِلَّا ظَنّٗا﴾ [الجاثية:٣٢]) أي: ظنًّا حقيراً[3] ضعيفاً إذ الظنّ ممّا يقبل الشدّة والضعف, فالمفعول المطلق ههنا للنوعيّة لا للتأكيد, وهكذا يُحمَل[4] التنكير على ما يفيد التنوّع كالتعظيم والتحقير والتكثير ونحو ذلك في كلّ ما وقع بعد إلاّ من المفعول المطلق, وبهذا ينحلّ[5] الإشكال الذي يُورَد


 



[1] قوله: [وبعضُهم إلخ] أي: وتوهّم بعضُهم أنّ الآية من أمثلة تنكير المسند إليه بدعوى أنّ النكرة فيها مسند إليه تقديراً وتأويلاً إذ التقدير: كلُّ دابّةٍ إلخ وماءٌ مخصوصٌ إلخ فالدابّة والماء مسند إليهما في التقدير فالتمثيل صحيح بلا تعميم في الإسناد. قوله وتعسّفُه ظاهر ردٌّ على التوجيهَين وذلك لأنه ليس مراد السكّاكيّ هذا التقديرَ ولا ذلك التعميمَ بل قصد صاحب "المفتاح" إلخ, وهذا بيانٌ لما أشار إليه المصـ بتصريحه بكونه من غير المسند إليه كما مرّ بيانه.

[2] قال تعالى: [﴿فَأۡذَنُواْ بِحَرۡبٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦ] أي: بحرب عظيمة, وإنّما حمل التنكير هنا على التعظيم لأنّ التقليل يؤذن بالتساهل في النهي عن مُوجِب الحرب وهو الربا فلا يناسب للمقام, ويحتمل أن يكون التنكير هنا للنوعيّة أي: بنوع حرب غير متعارفة وهي حرب الغيب لا يدرك حزبها حتّى يدفع ضررها.

[3] قوله: [أي: ظنًّا حقيراً] ناظر إلى كون التنكير للتحقير. قوله ضعيفاً مرادف للحقير. قوله إذ الظنّ إلخ تعليل للتفسير دفعاً لتوهّم أنّ الظنّ غير قابل للشدّة والضعف. قوله فالمفعول إلخ تفريع على التفسير أي: إذا كان ظنًّا بمعنى ظنًّا حقيراً فالمفعول المطلق في الآية للنوعيّة فإنّ الظنّ الحقير نوع من الظنّ.

[4] قوله: [وهكذا يُحمَل إلخ] تمهيدٌ لحلّ الإشكال الآتي أي: وكما حملنا هنا تنكيرَ المفعول المطلق الواقع بعد إلاّ على التحقير فأفاد النوعيّة كذلك يُحمَل تنكير كلّ مفعول مطلق واقع بعد إلاّ على معنى يفيد التنوّعَ كالتعظيم إلخ. قوله ونحو ذلك كالتقليل والشدّة والضعف.

[5] قوله: [وبهذا ينحلّ إلخ] أي: وبما ذكرنا من أنّ المفعول المطلق الواقع بعد إلاّ يُحمَل على ما يُفيد التنوّع ينحلّ الإشكال الذي يُورَد على مثل هذا التركيب. قوله وهو أي: وذلك الإشكال. قوله أنّ المستثنى المُفرَّغ وهو ما حذف المستثنى منه له. قوله مُستغرِق أي: شامل للمستثنَى وغيره. قوله حتّى يدخل إلخ متعلِّق بالمستغرِق. قوله حتّى يخرج الظنّ من بينه ويبقى غير الظنّ.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400