عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

الموصوف بمضمونها قبل ذكرها, وإنّما يجيء[1] بها ليُعرِّف المخاطبَ الموصوفَ ويُميِّزه عنده بما كان يَعرِفه قبلُ من اتّصافه بمضمون الصفة, فيجب[2] كونها جملة متضمّنة للحكم المعلوم للمخاطب حصولُه قبل ذكرها والإنشائيّة ليست كذلك فوقوعها صفةً أو صلةً إنّما يكون بتقدير القول, فإن قيل[3]: قد ذكر صاحب "الكشّاف" في قوله تعالى: ﴿وَإِنَّ مِنكُمۡ لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ﴾ [النساء:٧٢] أنّ التقدير لمن أقسم بالله ليبطئن والقسم وجوابه صلة مَن , قلنا[4]: مراده أنّ الصلة هو الجواب المؤكَّد بالقسم وهو جملة خبريّة محتملة للصدق


 



[1] قوله: [وإنّما يجيء إلخ] دفعٌ لتوهّم أنّ المتكلِّم إذا كان معتقداً أنّ مخاطَبه عالم باتّصاف الموصوف بصفة كان ذكرها لغواً, وحاصل الدفع أنّ المتكلِّم إنّما يجيء بالصفة ليُعرِّف مخاطَبه الموصوفَ ويُميِّزه عنده بما يَعرِفه من اتّصافه بمضمون الصفة ليحكمَ عليه أو به مثلاً ويُفيدَه فائدةً معتدًّا بها وليس مقصوده من ذكر الصفة مجرّد إظهار اتّصافه بها حتّى يلزم اللغويّة.

[2] قوله: [فيجب إلخ] تفريعٌ على الشرط الثاني ونفيٌ لوقوع الجملة الإنشائيّة صفةً أو صلةً بدون التأويل أي: فيجب أن تكون الجملة الواقعة صفةً أو صلةً متضمِّنةً إلخ. قوله حصولُه نائب الفاعل للمعلوم. قوله والإنشائيّة ليست كذلك أي: ليست متضمِّنةً للحكم المعلوم للمخاطَب حصولُه قبل ذكرها لأنّ الإنشاء إعلامٌ عن النسبة القائمة بنفس المتكلِّم فلا يعرفها المخاطَب إلاّ بتلفّظ المتكلِّم بها. قوله إنّما يكون بتقدير القول فمعنى جاءني رَجُلٌ انْصُرْهُ: جاءني رجلٌ مقولٌ في حقّه انْصُرْه أي: إنّه يستحقّ أن يقال في حقّه ذلك, وحينئذ يكون الموصوف معلوم الاتّصاف بمضمون الصفة قبل ذكر الصفة.

[3] قوله: [فإن قيل إلخ] إشارةٌ إلى الاعتراض بما ذكره صاحب "الكشّاف" على ما ذكره الشارح من عدم وقوع الجملة الإنشائيّة صلةً بدون تقدير القول, وحاصله أنه قد ذَكَر "الكشّاف" أنّ تقدير قوله تعالى: ﴿لَمَن لَّيُبَطِّئَنَّ﴾: لمَن أَقْسَمَ بالله ليُبطِئنّ ثمّ ذَكَر أنّ القسم وجوابه صلةُ مَن, فهذا يدلّ على أنّ الإنشاء يصحّ وقوعه صلةً من غير حاجة إلى تقدير القول.

[4] قوله: [قلنا إلخ] جواب عن الاعتراض, وحاصله أنّ "الكشّاف" ليس بقائل بصحّة وقوع الإنشاء صلةً بدون تقدير القول وما نقل من كلامه لا يدلّ على ذلك لأنّ مراده أنّ الصلة إنّما هو الجواب المؤكَّد بالقسم وهو جملة خبريّة لا إنشائيّة. قوله ولذا يقال إلخ أي: ولأجل أنّ جواب القسم جملة خبريّة

    ولا يُخرِجها القسم عن كونها خبريّة يقال في تأكيد صدق الأخبار: والله لزيد قائم فلو لم يكن الجواب جملة خبريّة محتملة للصدق والكذب لما احتيج إلى تأكيد صدقها بالقسم.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400