والكذب ولذا يقال في تأكيد الأخبار: والله لزيد قائم والإنشاء[1] إنّما هو نفس الجملة القسميّة مثل قولنا: والله و أقسم بالله ونحو ذلك, وهذا كما[2] أنّ الشرطيّة خبريّة بخلاف الشرط, فإن قيل[3]: في كلامه أيضاً ما يُشعِر بأنّ وجوب العِلم إنّما هو في الصلة دون الصفة حيث ذكر في قوله تعالى[4]: ﴿فَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ﴾ [البقرة:٢٤] أنّ الصلة تجب أن تكون قصّة معلومة للمخاطَب فيحتمل أنهم علموا ذلك بأن سمعوا قوله تعالى في سورة التحريم: ﴿قُوٓاْ أَنفُسَكُمۡ وَأَهۡلِيكُمۡ نَارٗا وَقُودُهَا ٱلنَّاسُ وَٱلۡحِجَارَةُ﴾ [التحريم:٦] ثمّ قال[5]: وإنما جاءت النار هنا معرفة وفي سورة التحريم نكرة لأنّ الآية في سورة التحريم
[1] قوله: [والإنشاء إلخ] بيانٌ لمنشأ غلط المعترض, وحاصله أنّ الإنشاء إنّما هو نفس الجملة القسميّة لا الجواب المُؤكَّد به حتّى يَلزم ما يُلزِمه المعترض. قوله والله بالقسم المقدَّر. قوله أقسم بالله بالقسم الظاهر. قوله ونحو ذلك كقولك: يمين الله, ولعمرك.
[2] قوله: [وهذا كما إلخ] المراد بالشرطيّة هنا هو الجزاء فإنه يصدق عليه أنه جملة منسوبة إلى الشرط, وقد يُطلَق الشرطيّة على مجموع الشرط والجزاء وهي ليست بمرادة هنا, ومقصود الشارح بهذا التنظير رفع استبعاد كون الجواب المُوكَّد جملة خبريّة دون القسم وحدَه, وحاصل الرفع ظاهر.
[3] قوله: [فإن قيل إلخ] إشارةٌ إلى الاعتراض بكلام "الكشّاف" على ما ذكره الشارح من وجوب علم المخاطب بمضمون الصفة قبل ذكرها أي: فإن قيل إنه كما يدلّ كلامُه السابقُ على أنّ الإنشاء يصحّ وقوعه صلةً بغير تقدير القول كذلك يدلّ كلامه على أنّ علم المخاطب بالمضمون إنّما يجب في الصلة لا في الصفة لأنّ قوله: فعرفوا منها ناراً موصوفة بهذه الصفة يدلّ على أنهم لم يكونوا عالِمين بالنار الموصوفة بالصفة المذكورة قبل الآية, فعُلِم أنّ العِلم بالصفة قبل ذكرها ليس بشرط كما ذكرتَ.
[4] قوله: [في قوله تعالى] أي: في سورة البقرة. قوله أنّ الصلة تجب إلخ هذا صريح في إثبات وجوب العلم في الصلة. قوله فيحتمل أنهم إلخ فيحتمل أنّ المشركين علِموا مضمونَ هذه الصلة أي: كونَ وقود النار الناسَ والحجارةَ بأن سمعوا إلخ, وذلك لأنّ آية التحريم مقدَّمة على آية البقرة في النزول.
[5] قوله: [ثمّ قال] أي: الزمخشريّ. قوله وإنّما جاءت النار إلخ بيانٌ لنكتة إيراد لفظ نار نكرةً في سورة التحريم ومعرفةً في سورة البقرة. قوله هنا أي: في سورة البقرة.