من بحث التقديم والتأخير يُطلِعُنا عليه, وهو خلاف[1] ما صرّحوا به في نحو لا تكذب أنت من أنّ تأكيد المسند إليه إنما يفيد مجرّد تقرير المحكوم عليه دون الحكم, فإن قيل[2]: إنه لم يُرِد التأكيدَ الصِناعيّ بل مجرّدَ التكرير نحو: أنا عرفتُ و أنت عرفتَ فإنه يفيد تقريرَ الحكم وتقويتَه, قلنا: لا نُسلِّم[3] أنّ المفيد لتقرير الحكم هو التكرير بل التقديم ألا ترى إلى تصريحهم بأنه ليس في نحو عرفتُ أنا و عرفتَ أنت تقرير الحكم وإنما هو لمجرّد تقرير المحكوم عليه, على أنّ السكّاكيّ[4] لم يُورِد تحقيق تقوّي الحكم في فصل التقديم والتأخير مع الفعل بل في آخر بحث تأخير المسند إليه,......................................
[1] قوله: [وهو خلاف إلخ] ردٌّ على العلاّمة أي: وما ذكره العلاّمة من أنّ المراد بمجرّد التقرير مجرّد تقرير الحكم خلافُ ما صرّح به القوم فهو في حيّز المنع. قوله من أنّ تأكيد إلخ بيانٌ لـما صرّحوا به.
[2] قوله: [فإن قيل إلخ] أي: تصحيحاً لما ذكره العلاّمة ورفعاً لمخالفته لما صرّحوا به إنه لم يُرد إلخ, وحاصله أنّ تفسير العلاّمة إنّما يكون فاسداً ومخالفاً لهم إن كان مراد السكّاكيّ بالتأكيد الذي يكون القصد منه إلى مجرّد التقرير التأكيدَ الاصطلاحيَّ, وليس كك بل مراده به مجرّد التكرير سواء كان تأكيداً اصطلاحيًّا أو لغَويًّا نحو أنا عرفتُ فإنّ التكرير فيه يُفيد تقرير الحكم, فصحّ ما ذكره العلاّمة من أنّ المراد مجرّد تقرير الحكم, ولا يخالف هذا لما صرّحوا به لأنّ كلامهم في التأكيد الصِناعيّ.
[3] قوله: [قلنا: لا نُسلِّم إلخ] ردٌّ على القيل, وحاصله أنّ المفيد لتقرير الحكم في المثالَين هو تقديم المسند إليه لا تكريره لأنه بتقديم المسند إليه حصل تكرّر الإسناد وبتكرّره حصل تقرير الحكم وتقويته. قوله ألا ترى إلخ إقامة الدليل على أنّ تكرير المسند إليه لا يفيد تقريرَ الحكم, وحاصله أنه لو كان مفيداً له لأفاده في عرفتُ أنا وقد صرّحوا بأنه ليس فيه تقرير الحكم وإنما هو أي: تكرير المسند إليه فيه لمجرّد تقرير المحكوم عليه لا لتقرير الحكم, فلا وجه لما قيل لتصحيح ما ذكره العلاّمة.
[4] قوله: [على أنّ السكّاكيّ إلخ] ردٌّ آخرُ على توجيه العلاّمة, وحاصله أنه لا يصحّ على توجيهه حوالة السكّاكيّ تحقيقَ إفادة أنا عرفتُ تقريرَ الحكم وتقوّيَه على فصل اعتبار التقديم والتأخير مع الفعل بقوله: كما يُطلِعُك إلخ لأنه لم يُورِده في هذا الفصل بل أورده فيما قبله أعني بحث تقديم المسند, وفي قول الشارح: في آخر بحث تأخير المسند إليه تسامح بإقامة اللازم مقام الملزوم.