عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

وربما يجمع[1] بين كلّ و أجمعين بحسب اقتضاء المقام كقوله تعالى: ﴿فَسَجَدَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ كُلُّهُمۡ أَجۡمَعُونَ﴾ [الحجر:٣٠] بناءً على كثرة الملائكة واستبعاد سجود جميعهم مع تفرّقهم واشتغال كلّ منهم بشأن, وبهذا يزداد[2] التعيير والتقريع على إبليس, ولا دلالة لـ أجمعون [3] على كون سجودهم في زمان واحد على ما توهّم, وههنا بحث[4] وهو أنّ ذكر عدم الشمول إنّما هو زيادة توضيح وإلاّ فهو من قبيل دفع توهّم التجوّز لأنّ كلّهم مثلاً[5]


 



[1] قوله: [وربما يجمع إلخ] أي: قد يؤكَّد المسند إليه لدفع توهّم عدم الشمول بلفظ كلّ فقط أو بلفظ أجمعون فقط وقد يجمع بينهما إذا كان المقام مقتضِياً لزيادة التأكيد. قوله بناءً إلخ أي: جُمِع هنا بينهما لأنّ كثرة الملائكة واستبعادَ سجود جميعهم لتفرّقِهم واشتغالِ كلّ منهم بشأن يقتضي ذلك.

[2] قوله: [وبهذا يزداد إلخ] أي: وبالجمع هنا بين كلّهم وأجمعون للدلالة على سجود جميع الملائكة مع كثرتهم وتفرّقهم واشتغال كلّ منهم بشأن يزداد التقبيح والتعييب على إبليس بأنّ الملائكة مع ما ذكر من شأنهم سجدوا كلّهم أجمعون لآدم على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام تعميلاً لأمر الله سبحانه وتعالى وأمّا هذا فقد أبى واستكبر وكان من الكافرين.

[3] قوله: [ولا دلالة لـأجمعون إلخ] ردٌّ على ما ذكره بعض الأيمّة الحنفيّة من أنّ فائدة أجمعون في الآية الدلالة على أنهم عن آخرهم اجتمعوا في زمان واحد على السجود, وفيه زيادة تقريع وتعيير لإبليس لأنّ الجمّ الغفير إذا اجتمعوا على امتثال المأمور به في زمان واحد كان مخالفتهم أبعد عن الحقّ وأدخل في الذمّ, وحاصل الردّ أنّ أجمعون في التأكيد بمعنى كلّ ولو كُرِّر كلّ لم يفد الاجتماع في الزمان قطعاً فكذا ما هو بمعناه, وجوابه أنه وإن كان بمعنى كلّ إلاّ أنّ له أصل اشتقاق يدلّ على الاجتماع فلا يبعد أن يلاحظ ذلك كما يلاحظ المعاني الأصليّة في الكنى.

[4] قوله: [وههنا بحث إلخ] أي: وفي ذكر عدم الشمول بعد ذكر التجوّز بحث وهو أنّ إلخ, والمقصود بهذا البحث أنه يُمكِن الاكتفاء بذكر التجوّز لأنه يشمل عدم الشمول, فالبحث هنا بمعنى التحقيق لا بمعنى الاعتراض. قوله زيادة توضيح لأنه من قبيل ذكر الخاصّ بعد ذكر العامّ.

[5] قوله: [لأنّ كلّهم مثلاً إلخ] تعليل لكون عدم الشمول داخلاً في التجوّز. قوله إذا كان المتبوع كلفظ الملائكة والقوم. قوله دالاًّ على الشمول على سبيل الحقيقة. قوله وإلاّ لكان إلخ أي: وإن لم يكن المتبوع دالاًّ على الشمول كان لفظ كلّهم مثلاً تأسيساً لأفادته معنى جديداً لا تأكيداً.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400