عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

إنّما يكون تأكيداً إذا كان المتبوع دالاًّ على الشمول ومحتمِلاً لعدم الشمول على سبيل التجوّز وإلاّ لكان تأسيساً, ولذا قال[1] الشيخ عبد القاهر: ولا نعني بقولنا يفيد الشمول أنّه يُوجِبه من أصله وأنه لولاه لما فهم الشمول من اللفظ وإلاّ لم يسمّ تأكيداً[2] بل المراد أنه يمنع أن يكون اللفظ المقتضي للشمول مستعمَلاً على خلاف ظاهره ومتجوّزاً فيه انتهى كلامه. وأمّا نحو[3] جاءني الرجلان كلاهما ففي كونه لدفع توهّم عدم الشمول نظر لأنّ المثنّى نصّ في مدلوله لا يطلق على الواحد أصلاً فلا يتوهّم فيه عدم الشمول بل الأولى أنه لدفع توهّم أن يكون الجائي واحداً منهما والإسناد إليهما إنّما وقع سهواً, وأمّا إذا توهّم[4] السامع أنّ الجائيَ رسولان لهما أو نفسُ أحدهما ورسولُ الآخَر فلا يقال لدفعه: جاءني الرجلان كلاهما بل أنفسهما أو أعينهما وكذا إذا توهّم[5] أنّ الجائيَ أحدهما والآخر


 



[1] قوله: [ولذا قال إلخ] تأييدٌ لما ذكره أي: ولأجل ما ذكرنا من أنّ لفظ كلّ مثلاً إنّما يكون تأكيداً إذا كان المتبوع دالاًّ على الشمول وإلاّ لكان تأسيساً قال إلخ, وحاصله أنا لا نعني بقولنا: إنّ لفظ كلّ يفيد الشمول أنه يُثبِت الشمولَ من أصله وأنه لولا كلّ لما فهم الشمول من لفظ المتبوع.

[2] قوله: [وإلاّ لم يسمّ تأكيداً] أي: وإن عنينا بقولنا المذكور أنّ لفظ كلّ مثلاً يوجب الشمول ويثبته من أصله لم يُسمَّ لفظ كلّ تأكيداً لأنّ حقيقة التأكيد تكرار ما فهم من المتبوع بل يُسمَّى تأسيساً.

[3] قوله: [وأمّا نحو إلخ] دفعٌ لما يتوهّم من أنّ كلاهما في جاءني الرجلان كلاهما لدفع توهّم عدم الشمول وليس هنا توهّم التجوّز فقد ثبت الفرق بينهما, وحاصل الدفع أنّ المثنّى نصّ في مدلوله أي: في الاثنَين ولا يُطلَق على الواحد أصلاً لا حقيقةً ولا مجازاً فلا يتوهّم فيه عدم الشمول كما لا يتوهّم التجوّز حتّى يدفع بـكلاهما, بل الأولى أنه لدفع توهّم السهو من المتكلِّم في الإسناد.

[4] قوله: [وأمّا إذا توهّم إلخ] دفعٌ لما يتوهّم من أنه إذا توهّم السامع أنّ الجائيَ رسولان للرجلَين أو الجائيَ أحدُهما ورسولُ الآخر وقيل لدفعه: جاءني الرجلان كلاهما فلا شكّ أنه لدفع توهّم التجوّز, وحاصل الدفع أنّ هذا توهّم التجوّز العقليّ ويقال لدفعه عرفاً واستعمالاً: أنفسهما أو نحوه لا كلاهما.

[5] قوله: [وكذا إذا توهّم إلخ] أي: وكذا لا يقال: جاءني الرجلان كلاهما إذا توهّم السامع أنّ الجائيَ أحدهما والآخر غير جاءٍ بل مُحرِّضٌ على المجيء أو باعثٌ له أو معينٌ عليه؛ فإنه إنّما يدفع بتأكيد المسند كأن يقال: جاء جاء الرجلان لأنّ توهّم التجوّز إنّما وقع في المسند حيث توهّم السامع أنّ لفظ جاء مستعمل على سبيل عموم المجاز في معنى السبب للمجيء أعمّ من أن يكون بالفاعليّة أو التحريض.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400