جاءني الفاضل الكامل زيد فالأحسن أنّ الموصوف فيه عطف بيان لِما فيه من إيضاح الصفة المُبهَمة, وفيه إشعار[1] بكونه علَماً في هذه الصفة, فإن قلتَ[2]: قد أورد المصنّف قوله تعالى: ﴿لَا تَتَّخِذُوٓاْ إِلَٰهَيۡنِ ٱثۡنَيۡنِۖ إِنَّمَا هُوَ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ﴾ [النحل:٥١] في باب الوصف وذكر أنه للبيان والتفسير وأورده السكّاكيّ في باب عطف البيان مصرِّحاً بأنه من هذا القبيل فما الحقّ في ذلك؟ قلتُ[3]: ليس في كلام السكّاكيّ ما يدلّ على أنه عطف بيان صِناعيّ لجواز أن يريد أنه من قبيل الإيضاح والتفسير وإن كان وصفاً صِناعيًّا, ويكون إيراده[4] في هذا
[1] قوله: [وفيه إشعار إلخ] أي: وفي إجراء الموصوف على الصفة إشعارٌ بكون الموصوف علَماً أي: معروفاً مشتهراً في هذه الصفة كالفاضل والكامل مثلاً, والإشعار به إنّما يتفرّع على جعل الموصوف تفسيراً للصفة لأنّ التفسير بيان المعنى المبهم بلفظ أظهر في الدلالة عليه, فإذا جعل الموصوف بياناً وإيضاحاً للصفة فلا بدّ أن يكون اتّصافه بتلك الصفة معلوماً لئلاّ يلزم تفسير المبهم بالمبهم, ولا شكّ أنّ إيضاح المتبوع وتفسيرَه من فوائد عطف البيان دون البدل.
[2] قوله: [فإن قلتَ إلخ] استفسارٌ وتمهيدٌ للردّ على العلاّمة الشارح "المفتاح", وللردّ على من توهّم الخلاف بين "الكشّاف" و"المفتاح" و"الإيضاح" في اثنَين وواحد في الآية الكريمة بأنه يشير كلامُ "الإيضاح" إلى أنّه صفة وكلامُ "المفتاح" إلى أنه عطف بيان وكلامُ "الكشّاف" إلى أنه تأكيد.
[3] قوله: [قلتُ إلخ] حاصل الجواب أنّ الحقّ ما ذكره المصـ من أنه صفة, وليس في كلام السكّاكيّ ما يدلّ على أنه عطف بيان صِناعيّ لجواز أن يكون المراد بقوله: إنه من هذا القبيل أنه من قبيل الإيضاح والتفسير وإن كان وصفاً صِناعيًّا لا عطفَ بيان صِناعيًّا, فلا مخالفة بينهما.
[4] قوله: [ويكون إيراده إلخ] دفعٌ لتوهّم أنّ توجيهَ كلامه المذكورَ من قبيل توجيه القول بما لا يرضى به القائل لأنّ إيراده في بحث عطف البيان يدلّ على أنه عنده منه, وحاصل الدفع أنّ إيراد السكّاكيّ قولَه تعالى هذا في بحث عطف البيان مع أنه ليس منه مثل إيراده كلّ رجل عارف في بحث التأكيد الصِناعيّ مع أنه ليس منه, فهذا من دأبه أنه لا يتحاشى عن الإيراد في البحث ما ليس منه لمناسبة مّا.