عنوان الكتاب: المطول مع حاشية المؤول

في بدل الكلّ ظاهر لما فيه من التكرير, قال صاحب "الكشّاف" في قوله تعالى: ﴿صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ﴾ فائدة البدل التوكيدُ لما فيه من التثنيةِ والتكريرِ[1] والإشعارُ بأنّ الطريق المستقيم بيانُه وتفسيرُه صراطُ المسلمين, وفي بدل البعض[2] والاشتمال باعتبار أنّ المتبوع مشتمِل على التابع إجمالاً فكأنه مذكور أوّلاً, أمّا في البعض فظاهر وأمّا في الاشتمال[3] فلأنّ المتبوع فيه يجب أن يكون بحيث يطلق ويراد به التابع نحو: أعجبني زيد إذا أعجبك علمه, بخلاف ضربتُ زيداً [4] إذا ضربتَ غلامه, فنحو جاءني زيد غلامُه أو أخوه أو


 



[1] قوله: [لما فيه من التثنيةِ والتكريرِ] يعني أنّ فائدة البدل هنا التوكيدُ من وجهَين: من التثنية أي: من ذكر صراط المسلمين مرّتين حيث ذكر أوّلاً مجملاً وثانياً مفصّلاً, ومن التكرير أي: من تكرير النسبة بتكرير العامل حكماً. قوله والإشعارُ إلخ بالرفع عطفاً على التوكيد وبالجرّ عطفاً على التثنيةِ, فهذا الإشعار على الأوّل فائدة ثانية للبدل وعلى الثاني وجه ثالث للتوكيد.

[2] قوله: [وفي بدل البعض إلخ] أي: وبيان التقرير في بدل البعض وبدل الاشتمال أنه باعتبار أنّ المتبوع فيهما مشتمِل على التابع إجمالاً فكأنه مذكور أوّلاً, ففيهما أيضاً ما في بدل الكلّ من التثنية والتكرير المُوجِب للتقرير. قوله أمّا في البعض فظاهر أي: أمّا اشتمال المتبوع على التابع إجمالاً في بدل البعض فظاهر فإنّه ظاهر أنّ القوم في جاءني القوم أكثرهم مشتمل على جميع أفراد القوم كثيرهم وقليلهم.

[3] قوله: [وأمّا في الاشتمال إلخ] أي: وأمّا اشتمال المتبوع على التابع إجمالاً في بدَل الاشتمال فلأنّ المتبوع فيه يجب من حيث نُسِب شيءٌ إليه أن يكون بحيث يُطلَق ويُراد به التابع, وذلك بأن يكون انتساب شيء إلى المتبوع بحيث تبقى نفس السامع متشوِّقة إلى البيان نحو أعجبني زيد فإنّ الذات لا تُعجِب من حيث هي وإنّما إعجابها بالأوصاف الموجودة فيها كالعلم والحلم والكرم وغيرها, وليس المراد أنّ زيد في المثال قد أطلق على علمه مجازاً كما يُوهِمه ظاهر عبارة الشارح, بل المراد أنّ الشيء قد يُنسَب إلى المتبوع في الظاهر ويُفهَم منه بالقوّة أنّ المقصود نسبته إلى بعض صفاته كأنه قيل: أعجبني شيء من زيد ثمّ بُيِّن ذلك بـعلمه ونحوه فجاء التقرير بسبب التكرير إجمالاً وتفصيلاً.

[4] قوله: [بخلاف ضربتُ زيداً] فإنه لا يصحّ أن تُطلِق زيداً وتريد به غلامَه على بدَل الاشتمال لأنه لا اشتمال لزيد على غلامه بوجه من الوجوه ولا تبقى النفس عند قولك المذكور متشوِّقة إلى البيان. قوله فنحو إلخ أي: إذا عرفتَ ما ذكر من شرط بدل الاشتمال عرفتَ أنّ نحو إلخ, وهذا ردّ على من جعل نحو ضرب زيدٌ غلامُه بدل الاشتمال كالشيخ ابن الحاجب.




إنتقل إلى

عدد الصفحات

400